في مسألة المواريث ذكر الله عز وجل ثلاث آيات في سورة النساء، الآية الأولى: تتعلق بعمودي النسب وهم أصول الميت وفروعه، وأصول الميت هم آباؤه وأمهاته، وفروعه هم أبناؤه وبناته وأبناء بنيه وإن نزلوا.
والآية الثانية: تتعلق بميراث الزوجين والإخوة لأم الذين لا يرثون إلا بالفرض وليس لهم تعصيب، ولا يرثون بالتعصيب بحال، وهؤلاء يرثون من جهة قرابة الأم ومن جهة الزوجية ونصيبهم إنما هو بالفرض فقط.
وأما القسم الأول المذكور في آية العمودين ففيه فرض وفيه تعصيب؛ لأن الأب يفرض له ويرث بالتعصيب، والابن لا يرث إلا بالتعصيب والبنت يفرض لها، والبنتان يفرض لهما ومع إخوانهما يشتركون للذكر مثل حظ الأنثيين.
أما الآية التي في آخر سورة النساء وهي الثالثة فهي في الإخوة الأشقاء والإخوة لأب وميراثهم على طريقة ميراث الأبناء، وهي في الكلالة، ومعنى كلالة: ألا يكون للميت أصول ولا فروع، أي: ليس له ولد ولا والد، فمن ليس له ولد ولا والد فإنه يورث كلالة؛ لأنهم كالمحيطين بالميت بخلاف الأصول فإنها فوقه والفروع تكون تحته، وأما الإخوة فهم محيطون به، فقيل لهم: كلالة، فيرثون كلالة إذا لم يكن للميت والد ولا ولد.
فالإخوة للأم كذلك لا يرثون إلا عند عدم الولد والوالد، وكذلك الإخوة الأشقاء والإخوة لأب لا يرثون إلا عند عدم الولد والوالد، ولكن كما هو معلوم أنه بالنسبة للولد الذكر أو الذكور والإناث يأخذون الميراث ولا يبقى للإخوة شيء، وأما إذا كانوا إناثاً خلصاً فلهن النصف أو الثلثان والباقي يأخذه أقرب من يكون للميت، والإخوة الأشقاء هم أقرب من يكون للميت إذا لم يكن له أصول ولا فروع، وميراثهم على طريقة ميراث الأبناء، فإن الأخت الواحدة لها النصف والبنتين لهما الثلثان، وهكذا الأختان الشقيقتان أو لأب لهما الثلثان، فإذا كن اثنتين فأكثر فإنهن يشتركن في الثلثين، ولو وجدت أخت شقيقة وأخت لأب فإن الأخت الشقيقة لها النصف والأخت لأب لها السدس تكملة الثلثين؛ لأنهن يرثن بالإخوة الثلثين، فتكون الأقرب منهن الشقيقة لها النصف والتي هي أبعد والتي هي أبعد منها لها بقية الثلثين، وإذا اجتمع الذكور والإناث فللذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا كان هناك إخوة أشقاء مع أخواتهم أو إخوة لأب مع أخواتهم فإنه للذكر مثل حظ الأنثيين، وإن وجد ذكور خلص فإن الإخوة الأشقاء يحجبون الإخوة لأب؛ لأنهم يدلون إلى الميت بسببين وهما: الأبوة والأمومة، والإخوة لأب إنما يدلون إليه بالأبوة فقط.