ومن نواصب الفعل المضارع أيضاً: فاء السببية: وهي تفيد أن ما قبلها سبب لما بعدها, وتكون مسبوقة بنفي أو طلب, والطلب أنواع: أمر أو نهي أو تمنٍّ أو رجاء أو استفهام.
والفرق بين التمني والترجي أنَّ التمني يكون في أمر بعيد ومستحيل, والترجي يكون في أمر يسهل حصوله, وإن كان بعد عناء.
والأمثلة على ذلك ما يلي: قول الشاعر الشايب العجوز عندما رأى امرأة صغيرة في السن فأحبها وأراد أن يتزوجها فذهب إليها فرفضته، فقال: لم رفضتني؟ فقيل له: لوجود الشيب فيك.
فقال الرجل متضجراً ومتعباً ومتضايقاً من هذه الجارية حديثة السن: زعمتني شيخاً ولست بشيخٍ إنما الشيخ من يدب دبيباً فهو يعاتب المرأة كيف ترفضه على أنه شيخ, فجاءه ابنه فقال له: حق لها أن تفعل ذلك, لأنه قد وصل إليك الشيب, فلما أقر الرجل بالشيب قال: ألا ليت الشباب يعود يوماً فأخبرهَ بما فعل المشيب.
(فأخبرَه) بالنصب.
فالفاء السببية: تفيد أن ما قبلها سبب لما بعدها, وتكون مسبوقة بنفي أو طلب, والطلب أمر أو نهي أو استفهام أو تمنٍّ أو ترج.
وكذلك: ما قصرت في السعي فأندمَ: فهو يبين أنه أخذ بالسبب فلذلك لا يندم.
فإعراب أندم: فعل مضارع منصوب بفاء السببية, وعلامة النصب الفتحة الظاهرة على آخره.
وقال الله تعالى: {لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا} [الإسراء:22] فإعراب تقعدَ: فعل مضارع منصوب بفاء السببية, وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
وأيضاً قال الله تعالى: {وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} [طه:81]: فيحلَّ: فعل مضارع منصوب بفاء السببية, وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
وكذلك إذا قلت لرجل تحبه وهو من أهل الكفر: أسلم فتدخلَ الجنة, فالإسلام سبب لدخول الجنة.
وإعراب تدخل: فعل مضارع, منصوب بفاء السببية, وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
وأيضاً قال الله تعالى حاكياً عن أهل الكفر وهم في النار يصطرخون: {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا} [الأعراف:53]: فإعراب يشفعوا: فعل مضارع, منصوب بفاء السببية, وعلامة النصب حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة.