ومشاهدتك من حاجة، فلم يجبني، ونهض فدخل إليه ورآه وصاح بي إليه وقال: دع عنك هذا الكلام الفارغ وأحضر من الغلمان من يمسكه ويصرعه، ففعلنا ذلك، وصاح به: يا سيدنا يا أبا الحسين أنا أبو الحسن ابن سنان وما بك بأس، ولو كان بك بأس ما رأيتني عندك، فساعدنا على الدواء، وأراد بذلك تقوية قلبه، فمد يده إليه وتشبث به وقال ما لم يفهم لأن لسانه ثقل، وأخذ مجسه فلم يجده، وأخذه من كعبه فقال: أريد كبد دجاجة مشوية ومزورة وخبزا، فأحضر ذلك وأطعمه الكبد ثم قال: أردت كمثراة زرجونا وتفاحة فإن وجدتم ذاك كان صالحا، وكنا ننزل في باب المراتب، فأنفذت غلاما إلى الجانب الغربي يلتمس ذاك من الكرخ، فحين خرج إلى باب الدار رأى مركبين لطيفين فيهما الكمثرى والتفاح المطلوبان، وأنه لم يكن بيع منهما شيء ولا بلغ إلى حد البيع، وإنما أهديت إلى أبي عبد الله المردوسي؟ وكان في جوارنا؟ إطرافا له بها، فاتفق من السعادة مصادفتنا لها، فعرف الغلام من حمل إليه ذلك، فأنفذ منهما شيئا وأطعمه كمثراة وتفاحة جعلهما في ماء الورد أولا، وتركه إلى وسط النهار، وأطعمه خبزا بمزورة، وهو صالح الحال منذ أكل الكبد المشوية ورجع مجسه ونبضه وسكن مما لحقه، ونحن قد دهشنا مما اتفق وجرى، والنساء يقبلن رأس ابن سنان ومنهن من تقبل رجله. ثم قال: هؤلاء الأطباء يغدون إليكم ويروحون يأخذون دنانيركم ما يقولون لكم في هذا المرض وبأي شيء يطبونكم، فقلت: أما قولهم فهو: آسقوه ما أردتم فما بقي فيه شيء يرجى، وأما علاجهم، فإن أحدهم سقاه شربة سهلة في ليلة السابع فقال: يكفي هذا هو أصل ما لحقكم، فإنه شغل الطبيعة في ليلة البحران بدواء مسهل وجرها ودفعها عن التمييز البحراني ومنعها، فاختلط الرجل. فقلت: كذا كان، فإنه منذ تلك الليلة اختلط وغاص، فقال لي: اعلم يا سيدي أنني ما تأخرت عنه إلا علما بأنني لا أخاف عليه إلى يومنا هذا، والقطع الذي عليه في مولده فالليلة هو، ولما تعلق قلبي بها جئت فيها، فأما أن يموت وإما أن يصبح معافى لا مرض به، قلت: فما علامة السلامة؟ قال: أن ينام الليلة ولا يقلق، فإن نام أنبهه سحرا حتى يكلمك ويحدثك ويعقل عليك، وأخرجه بالغداة يمشي إلى الدار من العرضى ويجلس ويشرب ماء الشعير من يده، وإن قلق لم يعش الليلة، وجلس عنده لا يأكل ولا