وخرجت من إنطاكية إلى اللاذقية وهي مدينة يونانية لها ميناء وملعب وميدان للخيل مدور، وبها بيت كان للأصنام وهو اليوم كنيسة، وكان في أول الإسلام مسجدا، وهي راكبة البحر، وفيها قاض للمسلمين وجامع يصلون فيه وأذان في أوقات الصلوات الخمس. وعادة الروم إذا سمعوا الأذان أن يضربوا الناقوس، وقاضي المسلمين الذي بها من قبل الروم. ومن عجائب هذا البلد المحتسب يجمع القحاب والغرباء والمؤثرين للفساد من الروم في حلقة وينادي على كل واحدة منهن وتتزايد الفسقة فيهن لليلتها تلك، ويؤخذن إلى الفنادق التي هي الحانات لسكن الغرباء بعد أن تأخذ كل واحدة منهن خاتما هو خاتم المطران حجة بيدها من تعقب الوالي لها فإنه متى وجد خاطئا مع خاطئة بغير ختم المطران ألزمه جناية. وفي البلد من الحبساء والزهاد في الصوامع والجبال كل فاضل يضيق الوقت عن ذكر أحوالهم والألفاظ الصادرة عن صفاء عقولهم وأذهانهم (?) .

- 21 - (?)

وحكى غرس النعمة محمد بن الرئيس أبي الحسين هلال بن المحسن ابن إبراهيم الصابئ قال: كان والدي اعتل في المحرم من سنة ست وثلاثين وأربعمائة علة صعبة، وكان أبو الحسن ابن سنان جاريا على عادته في هجرانه، فراسلته وسألته الحضور فوعد وأخلف، ومضت إليه نسوة من أهله وأهلنا قبحوا عليه ما فعله وهو يعد ويخلف، والرئيس أبو الحسين يزيد في مرضه إلى الحد الذي غاص ولم يعقل، وبقي كذلك عشرين يوما في النزع، وقام يكسر طارمة خيش كان فيها وإلى أبواب عرضى يروم قلعها، وذكر النساء أن ذلك نوع من النزع يعرفنه ويعهدنه، وبعدن عن الدار وتركنه واشتغلن باللطم والبكاء عليه، وخرجت إلى دار الرجال وجلست جلوس التعزية، وإذا به قد دخل علينا وكان عندي جماعة من أصدقائنا فبقي داهشا وقال لهم: مات؟ فقالوا: هو في ذلك، فقلت: يا أبا الحسن مات جالينوس وعاش الناس بعده، وأما الرجل فميت، وما بنا إلى رؤيتك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015