الفضة التي تقطعت وانسبك بعضها معلق فيها طبق فضة كبير عليه فراخ قناديل زجاج بقي على حاله، ولم ينظف شيء من قناديله ولا غيرها ولا شمعة كانت قريبة من الكرسيين الخشب ولازال منها شيء. وكان جملة هذا الحادث مما يعجب منه.

وشاهد غير واحد في داخل إنطاكية وخارجها في ليلة الاثنين الخامس من شهر آب من السنة المقدم ذكرها في السماء شبه كوة تنور منها نور ساطع لامع ثم انطفأ، وأصبح الناس يتحدثون بذلك، وتوالت الأخبار بعد ذلك بأنه كان في أول نهار يوم الاثنين في مدينة غنجرة وهي داخل بلاد الروم على تسعة عشر يوما من إنطاكية زلزلة مهولة تتابعت في ذلك اليوم وسقط منها أبنية كبيرة وخسف موضع في ظاهرها، وكان هناك كنيسة كبيرة وحصن لطيف غابا حتى لم يبق لهما أثر، ونبع من ذلك الخسف ماء حار شديد الحرارة كثير النبع المتدفق، وغرق منه سبعون ضيعة، وتهارب خلق كثير من تلك الضياع إلى رؤوس الجبال والمواضع المرتفعة العالية فسلموا، وبقي ذلك الماء على وجه الأرض سبعة أيام، وانبسط حول هذه المدينة مسافة يومين ثم نضب، وصار موضعه وحلا، وحضر جماعة ممن شاهد هذه الحال فحدثوا بها أهل إنطاكية على ما سطرته، وحكوا أن الناس كانوا يصعدون أمتعتهم إلى رأس الجبل فيضطرب من عظم الزلزلة فيتدحرج المتاع إلى الأرض.

وفي ظاهر البلد نهر يعرف بالمقلوب يأخذ من الجنوب إلى الشمال وهو مثل نهر عيسى وعليه رحى ويسقي البساتين والأراضي.

وخارج البلد دير سمعان، وهو مثل نصف دار الخليفة يضاف فيها المجتازون، ويقال إن دخله في السنة أربعمائة ألف دينار، ومنه يصعد إلى الجبل اللكام، وفي هذا الجبل من الديارات والصوامع والبساتين والمياه المتفجرة والأنهار الجارية والزهاد والسياح وضرب النواقيس في الأسحار وألحان الصلوات ما يتصور معه الإنسان أنه في الجنة. وفي إنطاكية شيخ يعرف بأبي نصر ابن العطار قاضي القضاة فيها، له يد في العلوم، مليح الحديث والإفهام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015