لنا فيما نمضي وما يجري لنا فيه اليوم، فقال: أنتم بطرون، امضوا في طريقكم، فقلنا: ما نبرح إلا بعد ذلك، فأخذ له طالع الوقت غلام كان معه، فقال: أنتم أضياف، فقلنا: طريق فقال: يقدم إليكم فيها السماء بنجومها وللأستاذ أبي الحسن الذي معكم حاجة لا تنقضي، فقال له البتي: لا بشرك الله بخير، ويلك ما هذا مما تدل عليه النجوم، غير أنك قد رزقت حذقاً ردياً لا حياك الله ولا بياك. ثم فارقناه وقصدنا مؤيد الملك فما قضى الحاجة وخرق الرقعة التي للبتي لما عرضناها عليه، فعرفناه خبر شكح المنجم، وما قاله لنا طلباً لأن يرجع عن فعله فما رجع، ومضينا إلى ابن الوتار ونحن نتوقع السماء التي ذكرها، فقدم إلينا في آخر الطعام مقلي النرجسية وقد صبغ بياض البيض والباقلاء واللحم بالنيل حتى صار كزرقة السماء، وطرح صفار اليض عليه فصار كالنجوم، فعجبنا من ذلك واستطرفناه ولم نشتغل عند ابن الوتار في الدعوة ذلك اليوم إلا بحديث شكح المنجم.

20

- نسخة كتاب ورد من ابن بطلان بعد خروجه من بغداد بصورة ما لقي في سفرته إلى الرئيس هلال بن المحسن بن إبراهيم.

بسم الله الرحمن الرحيم، أنا لما أعتقده من خدمة سيدنا السيد الأجل أطال الله بقاءه وكبت أعداءه دانياً وقاصياً، وأفترضه من طاعته مقيماً وظاعناً أضمرت عند وداعي حضرته العالية، وقد ودعت منها الفضل والسؤدد والمجد والفخر والمحتد، أن أتقرب إليها وأجدد ذكري عندها بالمطالعة مما أستطرفه من أخبار البلاد التي أطرقها، أو أستغربه من غرائب الأصقاع التي أسلكها، خدمة للكتاب الذي هو تأريخ المحاسن والمفاخر، وديوان المعالي والمآثر، ليودعه أدام الله تمكينه منها ما يراه، ويلحق ما يستوفقه ويرضاه. وعلى ذكره فما رأيت أحداً بمصر وهذه الأعمال أكثر من الراغب فيه، وكل رئيس في هذه الديار متشوف إليه متشوق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015