الحب والهوى على المضي إليها والدخول عليها فيجيء إلى بابها ويأمر بفتحه ويتهدد ويتوعد ولا يقبل منه، ولا يقر له أحد بمعرفة المفتاح أين هو ولا من هو معه، إلى ان ينصرف أو ينام، فذاك كان دأبه ودأبها. وتقدم عضد الدولة إلى أبي عليّ التنوخي في أواخر أيامه بأن يمضي إلى الطائع ويطارحه عن والدة الصبية في المعنى بما يستزيده فيه لها ويبعثه به عليها بأسباب يتوصل إليها وأقوال يصفها ويومئ إلى الغرض فيها رتبها عضد الدولة ولقنه إياها وفهمه فقال: السمع والطاعة، ومضى إلى بيته ولم يقدم على الطائع، وخاف عضد الدولة إن خالف ما رسمه له، فأظهر مرضاً وعاده أصدقاؤه منه، واعتذر به إلى عضد الدولة، فوقع لعضد الدولة باطن الأمر، وأمر بعض الخدم الخواص بالمضي إلى التنوخي لعيادته وتعرف خبره وأن يخرج من عنده ويركب إلى أن يخرج من الدرب، ثم يعود فيدخل عليه هاجماً، فإن كان على حاله في فراشه لم يتغير له أمر أعطاه مائتي دينار أصحبه إياها لنفسه وأظهر أنه عاد لأجلها لأنه نسيها معه، وإن وجده قاعداً أو قائماً عن الفراش قال له: الملك يقول لك: لا تخرج عن دارك إلينا ولا إلى غيرنا، وانصرف. قال الخادم: فدخلت إليه وهو في فراشه وعليه دثاره وخاطبته عن الملك، فشكر وأعاد جواباً ضعيفاً لم أكد أفهمه، وخرجت ثم عدت على ما رسم الملك، فهجمت عليه فوجدته قائماً يمشي حول البستان، فلما رآني اضطرب وتحير فقلت له: الملك يقول لك: لا تبرح دارك لا إلينا ولا إلى غيرنا، وخرجت، فبقي على ذلك إلى ان مات عضد الدولة.
19
- حدثني أبي قال: ركبنا جماعة فينا أبو عليّ ابن الحواري وأبو الحسن الديلمي وأبو طاهر الطيب العلوي وغيرهم إلى دعوة أبي القاسم الوتار فلقينا أبو الحسن البتي وسألنا أن نمضي معه إلى مؤيد الملك أبي عليّ الرخجي وزير الوقت في حاجة له إليه، فرأينا شكح المنجم الأعمى، وكان لا يعرف من النجوم كثير شيء إلا أنه كان فهماً ومهماً، قال: فقلنا له لا بد من أن تأخذ طالع الوقت وتحسب