قال: ورأيته يوماً عند الرئيس الوالد رضي الله عنهما وهو يشكو إليه قبح أبي القاسم ابن المسلمة رئيس الرؤساء وقصده له وغضه منه، وتناهى غضبه إلى أخذ الدواة من بين يدي الرئيس ورفعها إلى فوق رأسه وقال: والله لقد بال في حجري وعلى ثيابي بعدد الرمل والحصى والتراب، وحط الدواة فضرب بها الأرض فكسرت، فلما رأى ذلك قام وانصرف وقد استحيى وبقينا متعجبين منه.
- 11 - (?)
قال: وحدثني أبو سعد الماندائي قال: كنت مع القاضي التنوخي وقد خرج يوماً من دار الخلافة ليعبر إلى داره بالجانب الغربي، فلما بلغنا مشرعة نهر معلى صاح به الملاحون: يا شيخ يا شيخ تعال هنا تعال هنا، فوقف وقال لهم: كل مردي معكم ومجذاف في كذا وكذا من نسائكم، ما فيكم إلا من يعرفني ويعلم أنني القاضي التنوخي يا كذا وكذا ثم نزل وهو يسبهم ويشتمهم والفلاحون وأنا قد متنا بالضحك.
وجاءه غلام قد تزوج وكتب كتاباً بمهر يشهده فيه واستحيى الغلام من ذلك فجذب طاقة من حصير القاضي وجعل يقطعها لحيائه وخجله، ولحظه القاضي فقال يا هذا: أنا أشهد لك في كتاب يقتضي أن يحمل به إليك القماش والجهاز اللذان يعمران بيتك ويجملان أمرك، وأنت مشغول بقطع حصيري وتخريب بيتي؟ وشق الكتاب قطعاً ولم يشهد فيه ورمى به إليه، فأخذه وأنصرف متعجباً.
- 12 - (?)
وحدثني الرئيس أبو الحسين والدي قال: شهد القاضي أبو القاسم منذ سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، إلى أن توفي في المحرم سنة سبع وأربعين وأربعمائة،