القاضي أبي القاسم التنوخي وكانت عينه رمدة أتعرف خبره فقال لي: حدثني من رأيت وما رأيت في طريقك؟ فقلت: رأيت منسفاً فيه نحو عشرين رطلاً رطباً أزاذاً لقاطاً ما رأيت مثله، فقال لغلامه: يا أحمد، عليّ بالمنسف الساعة، فمضى أحمد وابتاعه وجاء به فحل عينه وغسلها من الدواء الذي فيها وقال لي: كل حتى آكل فقلت يا سيدي عينك رمدة فكيف تأكل رطباً؟ فقال: كل فعيني تهدأ والرطب يفنى، فأكل والله منه حتى وقف.
- 9 - (?)
قال غرس النعمة: قال الماندائي: كنت ليلة بائتاً عنده فهبت ريح شديدة فما زال طرف النطع الذي تحته يصعد وينزل ويصفع رأسه فقال: هذا سقوط الساعة أم مصافعة؟ فقلت: ممن يا سيدنا؟ فقال: فضولك، وضحكنا.
- 10 - (?)
قال غرس النعمة وحدثني [الماندائي] ، حدثني القاضي قال: كنت يوماً في وقت القيلولة نائماً فاجتاز واحد غث يصيح صياحاً أزعجني وأيقظني: شراك النعال. فقلت لأحمد الغلام: خذ كل نعل لي ولمن في داري وأخرجها إلى هذا الرجل ليرمها ويشتعل بها ففعل، ونمت إلى أن اكتفيت ثم انتبهت وصليت العصر وأعطيته أجرته ومضى، فلما كان من غد في مثل ذلك الوقت جاء وأنا نائم فصاح وأنبهني فقلت للغلام: أدخله فأدخله فقلت: يا ماص كذا وكذا من أمه، أمس في هذا الوقت أصلحت كل نعل لنا، وعدت اليوم تصيح على بابنا، أبلغك أننا البارحة تصافعنا بالنعال وقطعناها، وقد عدت اليوم لعملها وإصلاحها؟ قفاه. فقال يا سيدنا القاضي: أو أتوب ألا أدخل هذا الدرب؟ قلت: فما تتركني أنام ولا أهدأ ولا أستقر؟ فحلف ألا يعود إلى الدرب وأخرجته إلى لعنة الله.