- 15 - (?)

حدثني أبو الفرج عبد الواحد بن نصر الببغاء، قال: كان أبو الطيب المتنبي يأنس بي ويشكو عندي سيف الدولة ويأمنني على غيبته له، فكانت الحال بيني وبينه صافية عامرة دون باقي الشعراء، وكان سيف الدولة يغتاظ من عظمته وتعاطيه ويجفو عليه إذا كلمه، والمتنبي يجيبه في أكثر الأوقات ويتغاضى فى بعضها.

قال: وأذكر ليلة وقد استدعى سيف الدولة بدرة فشقها بسكين الدواة، فمد أبو عبد الله ابن خالويه النحوي جانب طيلسانه، وكان صوفا أزرق، فحثا فيه سيف الدولة شيئا صالحا، ومددت ذيل دراعتي، وكانت ديباجا، فحثا إلي فيها، وأبو الطيب حاضر، وسيف الدولة ينتظر منه أن يفعل مثل فعلنا أو يطلب شيئا منها، فما فعل، فغاظه ذلك فنثرها كلها، فلما رأى المتنبي أنها قد فاتته زاحم الغلمان يلتقط معهم، فغمزهم عليه سيف الدولة فداسوه وركبوه وصارت عمامته وطرطوره فى عنقه واستحيى، ومضت له ليلة عظيمة وانصرف.

وخاطب أبو عبد الله ابن خالويه سيف الدولة في ذلك فقال: ما يتعاظم تلك العظمة ويتضع إلى مثل هذه المنزلة إلا لحماقته.

- 16 - (?)

حدثني أبو الفرج [الببغا] قال: هربت وقتا من الأوقات من أبي العشائر (?) وصرت إلى حلب، وسألت سيف الدولة أن يمنعه مني وقلت: إن أخلاقه لا تلاوم أخلاقي، وقد ربيتني واصطنعتني وأريد أن لا أبرح حضرتك ومجلسك، قال: افعل، ومضى على هذا مديدة قريبة، فدخلت يوما وإذا بين يدي سيف الدولة رجل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015