عربي لا أعرفه عليه جبة ديباج وفرو وعمامة خز بلثامين، متقلدا سيفا محلى، وهو جالس على السرير ورجليه [كذا] على الأرض، وسيف الدولة يقبل عليه يحادثه، فاستطرفت ذلك، ولم يكن في العرب كلها من يجلس تلك الجلسة مع سيف الدولة، قال: ونهض فإذا هو أبو العشائر، فلما رأيته أسقط في يدي، ودنا مني فقبض علي، فقلت لسيف الدولة: أيها الأمير الذمام، فقال: ليس على أبي العشائر ذمام، احتفظ به فإنه فرار. فلم يبق في موضع للمنازعة، فقلت: أيها الأمير، أيمكنني الخروج؟ قال: ولم؟ قلت: علي دين، وأحتاج إلى ابتياع شعير لدوابي، وحنطة لغلماني، وهذا وجه الشتاء ولابد أن أنظر في أمري، فقال: كل هذا يتنجز الساعة، ووقع إلى الداريح بكرين شعيرا، وإلى صاحب المنثر بثلاثة أكرار حنطة، وأطلق من خزانته ألفي درهم، وأمر بحمل عشر قطع ثيابا، وحصل جميع ذلك وما تعالى النهار، وهو جالس في دار سيف الدولة، فلما حضر صاحبه وعرفه حصول ما عددته كله، قال: اركب على اسم الله، ومضيت معه إلى أنطاكية فما كان يخليني من خلعة وبر وتفقد، ورسومي على سيف الدولة مطلقة في أوقاتها غير متأخرة عني بحال، وهذه كانت عادات الرؤساء في الإفضال.

- 17 - (?)

حدثني أبو القاسم الرقي المنجم قال: كان السري بن أحمد الرفاء يوما جالسا معنا في دهليز سيف الدولة، فوصف له دعوة كان فيها فقال: وكان فيها هريسة؟ بكسر الهاء - ثم أنشدنا قصيدة له أولها (?) :

أأقحوانا أرته أم بردا ... غيداء يهتز عطفها غيدا حتى قال فيها:

لو وجدت للفراق ما وجدا ... لافتقدت نومها كما افتقدا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015