ولما بلغ الإخشيد وهو بالشام ما فعل بالمتقي بكى وتأسف على شبابه وحسنه، ثم جد الإخشيد في السير حين بلغه هذا ودخل إلى مصر، وزينت له الأسواق، فركب ركوبا عظيما، وركب معه ابنه أونوجور، وأقام الإخشيد الدعوة للمستكفي على منابر مصر والشام.
ولما انصرف الإخشيد من حضرة المتقي سار سيف الدولة ابن حمدان إلى حلب وقنسرين والثغور الشامية وحمص وإنطاكية وسائر الأعمال فأخذها وأقام الدعوة فيها للمستكفي ولأخيه ولنفسه، ثم عزل وولى واستخرج الأموال.
وكتب الإخشيد إلى المستكفي يخبره بما سارع إليه من إقامة الدعوة وأخذ البيعة، ويعرفه ما عمله سيف الدولة ابن حمدان، فكتب إليه المستكفي، ومع الكتاب خلع للإخشيد ولابنه أونوجور.
وبلغ الإخشيد أن سيف الدولة سار إلى حمص، يريد دمشق، فجرد الإخشيد عسكرا كبيرا وجعل عليه أربعة، فساروا إلى دمشق وعبوا عساكرهم، ثم ساروا إلى حمص فالتقوا مع سيف الدولة بالرستن من أرض حمص، فهزمهم سيف الدولة، فعادوا إلى دمشق، ثم خرجوا عن دمشق يريدون الرملة، ثم إلى مصر. ثم سار سيف الدولة في أثرهم يريد دمشق، وكتب إلى أهل دمشق كتابا قرئ على منبر جامع دمشق، وحملت نسخه إلى الإخشيد وهي: " بسم الله الرحمن الرحيم، من سيف الدولة أبي الحسن إلى جماعة الأشراف والعلماء والأعيان والمستورين بمدينه دمشق: أطال الله بقاءكم، وأدام عزكم وسعادتكم وكفايتكم ونعمتكم، كتابنا إليكم من المعسكر المنصور بظاهر عين الجر، عن سلامه وجميل كفاية، لموليها خالص الدعاء والشكر. وقد علمتم، أسعدكم الله، تشاغلي بجهاد أعدائي وأعداء الله الكفرة وسبيي لهم وقتلي فيهم وأخذي أموالهم وتخريبي ديارهم، وقد بلغكم خبر القرانين في هذه السنة وما أولانا الله وخولناه وأظفرنا به، واستعملت فيهم السنة في قتال أهل الملة، فما اتبعت مدبرا ولا ذففت على جريح، حتى سلم من قد رأيتم، وقد تقدمنا إلى وشاح بن تمام بصيانتكم وحفظكم وحوط أموالكم، وفتح الدكاكين وإقامة الأسواق والتصرف في المعاش إلى حين موافاتنا ان شاء الله ". فلما