هدية أخرى مكافأة على ما فعله بابنه أونوجور وتكنيته له وطلب منه (?) المتقي الحسن بن طاهر الحسيني فادخله إليه، وطلب منه محمد بن علي الماذرائي فدافع عنه ولم يخبره أنه معه، وكنى المتقي الحسن بن طاهر في مجلسه [وعطس المتقي فشمته الحسن بن طاهر] (?) ، فقال المتقي: يرحمك الله يا أبا محمد. ولما شاهد الإخشيد إكرام المتقي قال له: أسير بين يدي أمير المؤمنين وأخدمه إلى بغداد، فأجابه المتقي إلى ذلك.
وأحب الإخشيد أن يكون أمير الأمراء، فحدثني أحمد بن عبد الله الفرغاني قال، قال لي أبي: فبلغني ما عزم عليه الإخشيد، فوبخته على ذلك وقلت له: أتلفت مصر والشام، وأتلفت نفسك مع الأتراك ومع توزون وما تدري أيش يكون، فتبين الإخشيد الخطأ، وقال: قد قلت، فكيف الحيلة؟ قلت: ما يسهله الله، قال الفرغاني: فدعوت برجل من المغاربة له أخ بالمغرب فقلت له:خذ رقا واكتب فيه كتابا من أخيك إليك وقل فيه: لما اتصل بأمير المؤمنين القائم بأمر الله مسير الإخشيد إلى المتقي بالعراق جهز العساكر فى البر والبحر إلى مصر واغتنم خلوها، وإذا كتبت الكتاب ففركه وادعكه حتى يصير كأنه قديم. ثم قال للرجل: اسبقني بالخبر إلى الإخشيد، فبلغ الإخشيد، فقال للفرغاني: أيش في هذا الكتاب؟ فقال: لا أدري، فقال: خذه، فأخذه وقرأه على الإخشيد، فقال للفرغاني: اكتمه لئلا يتشوش العسكر، ثم حمله للمتقي وقرأه عليه فقال: كنت قد عزمت على السير لخدمة أمير المؤمنين وأخاف على مصر والشام، فقال سر ولا تتأخر، فودعه وسار، واستخلف غلامه نحريرا الأزغلي، فسار مع الإخشيد إلى الشامات، ولما وصل المتقي إلى باب بغداد إلى موضع يقال له السندية لقيه توزون التركي أمير بغداد فقبض على المتقي وخلعه، وعقد للمستكفي عبد الله بن المكتفي، رجلا كهلا، فلما قبض توزون على المتقي قال ابنه: يا أبا الوفاء تفعل بمولاك مثل هذا؟ فقال: غركم أني أقول مولى أمير المؤمنين، إنما أعني أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه.