السلطان أمر البلد وجعل إلي تقليد من شئت، فأهلكني وأهلك نفسه وأحوجني إلى هذا.
وورد إلى الإخشيد كتاب أرمانوس عظيم النصرانية يفتخر فيه، ويزعم أنه له المنة عليه في خطابه، إذ جرت عادته ألا يخاطب إلا خليفة. فقرئ الكتاب على الإخشيد، فتقدم بالجواب، فأجاب عنه جماعة، فلم يختر إلا جواب إبراهيم ابن عبد الله النجيرمي وكان عالماً بوجوه الكتابة، ونسخة الكتاب:
" من محمد بن طغج مولى أمير المؤمنين إلى ألمانوس عظيم الروم ومن يليه، سلام، بقدر ما انتم له مستحقون، فإنا نحمد الله الذي لا إله إلا هو، ونسأله أن يصلي على محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم. أما بعد، فقد ترجم لنا كتابك الوارد مع نقولا وإسحاق رسوليك، فوجدناه مفتتحاً بذكر فضيلة الرحمة، وما نمي عنا إليك، وصح من شيمنا فيها إليك، وبما نحن عليه من المعدلة وحسن السيرة في رعايانا، وما وصلت به هذا القول من ذكر الفداء والتوصل إلى تخليص الأسرى، إلى غير ذلك مما اشتمل عليه، وفهمناه:
فأما ما أطنبت فيه من فضيلة الرحمة فمن سديد القول الذي يليق بذوي الفضل والنبل، ونحن، بحمد الله ونعمه علينا، بذلك عارفون، وإليه راغبون، وعليه باعثون، وفيه بتوفيق الله إيانا مجتهدون، وبه متواصلون وعالمون، وإياه نسأل التوفيق لمراشد الأمور وجوامع المصالح، بمنه وقدرته.
وأما ما نسبته إلى أخلاقنا من الرحمة والمعدلة فإنا نرغب إلى الله جل وعلا، الذي تفرد بكمال هذه الفضيلة ووهبها لأوليائه ثم أثابهم عليها، أن يوفقنا لها ويجعلنا من أهلها وييسرنا للأجتهاد فيها والاعتصام من زيغ الهوى عنها وعزة القسوة بها، ويجعل ما أودع قلوبنا من ذلك موقوفاً على طاعته وموجبات مرضاته حتى نكون أهلاً لما وصفتنا به، وأحق حقاً بما دعوتنا إليه، ومن يستحق الزلفى من