الرقي وهو مشغول القلب، فسألته عن شغل قلبه فقال: كنت الساعة عند الأمير الإخشيد وحدي فضاحكته وحادثته، فلما رأيت طيب نفسه قلت له: تنشط الساعة لمائتي ألف دينار بعشرين صفعة؟ فقال ممن؟ فقلت له: الساعة ركبت، وجارية محمد بن عليّ في الشباك جالسة وجواريها قيام بالمذاب، ومولاها في يدك، فدعني أركب آخذها قال: فانقلبت عيناه وكان أزرق، قال: أبا القاسم تعرضني للحرم؟! لا والله لا عملت هذا أبداً، وانصرفت نادماً على ما كان مني.

وكانت ولاية مصر على قسمين: والي الحرب والصلاة، وآخر للخراج وتدبير الأموال، فلما حصل الإخشيد بمصر جمع الولايتين كما عمل أحمد بن طولون، وكان تدبير الأموال والاستخراج في دار الفضل بن جعفر، وتدبير الحرب والرجال في دار الإخشيد.

وحكي أن محمد بن عليّ الماذرائي لما كتب إلى الإخشيد يشكو ما جرى عليه، وبذل له الوديعة التي كانت عند ابن الطحاوي وحصل المال إلى الإخشيد وأخذوه من أيديهم، أرسل الإخشيد إلى الماذرائي: أنت عملت هذا بنفسك، كتبت إليك من الشام حين مات تكين: دعني أسر إليك في خيل جريدة وأخدمك وأتصرف بأمرك فأبيت علي، ثم قلدني السلطان فأرسلت إليك: دعني أسير في غلماني إلى مصر وتكون أنت على رسمك فأبيت علي، وأحوجتني أن جمعت عساكر العراق والشام وألزمت نفسي مؤونة، ثم أرسلت إليك: أنا أعفيك من الفضل ابن جعفر وأرده إلى العراق فدبر أمري، فأبيت، فلما فتحت مصر استترت مني، وكنت أعرف موضعك فلم أتعرض لك، وأرسلت إليك: أرسل إلي بشيء أتسع به، فأرسلت إلي عشرة آلاف دينار، فلما جاءت الرسالة إلى محمد بن عليّ صاح وقال: كل ما قاله صحيح إلا هذا، أرسلت إليه مائة ألف دينار ولابن كلا عشرة آلاف دينار. فلما جاء الجواب إلى الإخشيد أعظمه وقال: أرسلوا خلف ابن كلا، فلما جاء قال: ويحك يرسل إلي محمد بن عليّ مائة ألف دينار ولك عشرة الآف، تعطيني عشرة الآف وتأخذ مائة ألف دينار فقال: ما أبرد هذا! إنما خبأتها وهي عندي، وإنما أردت أن أحملها لك في مهم يطرأ، فقال: جئني بها، فحملها إليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015