ثم أرسل الإخشيد إلى الصعيد فأحضر محمد بن تكين من أخميم وأنزله في دار وأكرمه وقال له: نحضر إليك محمد بن عليّ الماذرائي ونجمع بينك وبينه فاشف صدرك منه وطالبه بما شئت، فقال: ما بيني وبينه معاملة، ولا لي قبله حق ولا مطالبة. وكافأه محمد بن تكين بأحسن مكافأة، ولم يؤاخذه بما عمل في أمره من منعه مصر ورد ولايته التي وردت، وجمع العساكر لمحاربته وأن أرسل إليه لا تجاورني، حتى أحوجه للخروج إلى الشام.
وأراد الفضل بن جعفر أن يقيم رجلاً يناظر محمد بن عليّ ويطالبه بالأموال فما وجد أحداً يجيب إلى ذلك إلا الحسين بن عليّ الرقي، وكان متضمناً لأموال كثيرة، وتعرض لطلب الخراج أيام تكين، فقبض عليه تكين وعذبه رضى لمحمد بن عليّ ثم نفاه. فلما مات تكين عاد الرقي ودخل على الماذرائي فاعتذر إليه، وذكر أن ما له في أمره شيء، ووعده بالصلة والرزق، ووصله بألف دينار وقال له: خذ ضيعة أضع عنك من خراجها سبعة الآف دينار. فخرج الرقي إلى دمشق إلى الإخشيد وقدم مع الفضل بن جعفر حين قدم إلى مصر. فلما عرض على الرقي مناظرة محمد بن عليّ أجاب إلى ذلك، ونصبت له مرتبة في دار الإمارة، وأمر أن يخرج إليه محمد بن عليّ في جبة صوف مكشوف الرأس حافياً، ففعل ذلك، فلما أخرج إليه فرآه عرف المكروه فقال: أريد الوضوء، فدخل إلى الخلاء، وكتب منه رقعة إلى الإخشيد يعرفه ما عمل به، وأنه إنما يطلب منه التشفي، وأن وديعة عند ابن الطحاوي الفقيه مبلغها خمسون ألف دينار يرسل الأمير يأخذها لنفسه هدية ويمنع مني، فأرسل من ساعته بغلامه بدر الكبير فأخذ محمد بن عليّ من الخلاء وانصرف به ومنع منه، وشرط على الفضل بن جعفر أن يكون مكرماً ويحاسب ويؤخذ منه ما يوجد عليه، فضمن الفضل بن جعفر ذلك، وقبضت ضياعه بالشام وأكثر ضياعه بمصر، ودخل الإخشيد وارتفاع خراج ضياع محمد بن عليّ أربعمائة ألف دينار، وصودر أولاده وحاشيته، ولم يعرض لجاريته، وكان رسم الإخشيد ألا يتعرض للحرم.
وحدثني محمد بن الحسين قال، قال لي أبي: كنت عند الحسين بن عليّ