المغرب للقائم بأمر الله، يسألونه إنفاذ العساكر ووعدوه بأخذ مصر. فأرسل الإخشيد أخاه عبيد الله إلى الجيزة، ثم سار إلى الإسكندرية يطلب قتال حبشي ومن معه، فأقام أياماً بالإسكندرية فوجدهم قد مضوا إلى رمادة وحصلوا في أعمال القائم، ثم كتبوا إلى القائم فوعدهم بإنفاذ العساكر، فبينا هم على ذلك إذ مرض حبشي ومات حسرة على ما خلفه بمصر.
ثم دخل الوزير الفضل بن جعفر إلى مصر وقد ملكها الإخشيد فتلقاه الإخشيد وخلع عليه عند باب المدينة خلعاً سلطانية، وزينت لهما المدينة، ونصب لهما على جوسق ابن الخلاطي فرس من خشب ينحدر ويصعد، وابن الخلاطي راكب عليه، وأكثر الناس ينظر إليه. وكان الإخشيد يسير والوزير الفضل إلى جانبه، فلما قربا من الحمام انحدر ابن الخلاطي على الفرس كالبرق وفي يده حمام مضمخ بالمسك وماء الورد، فأطلقه في وجوههما فاستحسنا ذلك، وسارا ونزل الإخشيد دار الإمارة، وسار الفضل بن جعفر الوزير إلى دار ابن الجصاص.
وأقام محمد بن عليّ مستتراً لا يتعرضه الإخشيد إلى أن وافى الفضل ابن جعفر الوزير، ثم كشفا عن أمره وأين هو، فعرفا أنه في الدار التي كانت لإسحاق بن نصير العبادي كاتب أبي الجيش، فركب الإخشيد والفضل بن جعفر إلى الدار فوقفا على الباب، وأرسلا بالخدم، فلما علما بحصوله، مضى الفضل بن جعفر إلى داره ووقف الإخشيد حتى اخرج ومضى به إلى الفضل بن جعفر، فأدخل إليه، ودخل الإخشيد وقد نصبت له مرتبة، والفضل بن جعفر في مرتبته، وأدخل محمد بن عليّ الماذرائي فنظر إلى السرير وتأمل الفضل بن جعفر والإخشيد فصعد وجلس بالقرب من الإخشيد، فقال له الفضل بن جعفر: أيش خبرك يا أبا بكر، قال: بخير أيد الله الوزير، فقال له: أيش هذه الوحشة؟ أنت تعلم أن أمر الحج قد أزف ونريد ما نجهز به الحج، قال: ما عندي إلا نحو خمسة آلاف دينار، فقال: أنت أردت تضرب وجه السلطان بالسيف وتمنع خلفاءه وما تصل إلا إلى خمسة آلاف دينار؟ ثم صاح الفضل بن جعفر بغلامه شادن: خذه إليك. وانصرف الإخشيد وتركه عند الفضل.