الفتح وهو لا يقدر عليهم، ثم انحدروا إلى الإسكندرية، فقال الإخشيد: الصناعة هاهنا خطأ، ثم قال: اعملوا هاهنا صناعة، فعملت دار بنت الفتح بن خاقان، وهي الصناعة اليوم. ولما عاد الإخشيد إلى داره تحدث مع جلسائه، بما عمله الهاربون، ثم قال: أذكر أني كنت آكل مع أبي منصور تكين حتى جرى ذكر الصناعة، فقال تكين: صناعة يكون بيننا وبينها بحر خطأ. فأشارت الجماعة بنقلها فقال: إلى أي موضع؟ فأردت أن أشير عليه بدار ابنة الفتح، ثم سكت وقلت: أدع هذا الرأي لنفسي إذا ملكت مصر، فبلغت ذلك، والحمد لله.
وحدثني الحسين بن أحمد بن أريخا قال، قال لي أبي: لما أخذ الإخشيد دار ابنة الفتح كان يتردد إليها حتى عملت، وأبتدأوا بإنشاء المراكب فيها. وكان الإخشيد على دابته يوماً في هذه الدار حتى صاحت به امرأة صيحةً فقال: خذوها، فلما أمسى قال: أحضروا المرأة، فأحضرت فقالت: أرسل معي من يحمل، فأرسل معها بجماعة فمضت بهم إلى دار بنت الفتح فحملوا من المال العين والورق والحلي والثياب وأصناف الذخائر ما لم ير مثله فمضوا به إلى الإخشيد، وطلبت المرأة ليكافئها فلم توجد فكان هذا أول ما وصل إلى الإخشيد بمصر.
ثم قال الإخشيد لصالح بن نافع: كان في نفسي لما ملكت مصر أجعل الصناعة في دار بنت الفتح، وأجعل موضع الصناعة بستاناً وأسميه المختار، فاركب وخط لي بستاناً وداراً وقدروا لي النفقة. فركب صالح بن نافع وغيره وخطوا له بستاناً، وجعلوا فيه داراً للغلمان وداراً للنوبة، وخزائن كسوة، وخزائن طعام، ولم يدعوا شيئاً إلا جعلوه فيه، ثم صوروه في رقعة وجاءوا به إليه، فاستحسنه وقال لصالح: كم قدرتم النفقة؟ فقال: ثلاثين ألف دينار. قال: أنا أنفق في بستان متنزه ثلاثين ألف دينار؟ أريد شيئاً خفيف المؤونة متاع يومه. فعاد صالح وقدر خمسة آلاف دينار وعاد إليه فقال: هذا نعم، والله لا أنفقت عليه إلا من عندكم، فأخذ صالح درجاً وكتب فيه صالح بن نافع ثلاثمائة دينار، أبو عليّ خير خمسمائة دينار، أبو جعفر ابن المنفق خمسمائة دينار، حتى قسط ستة آلاف دينار. واشتغل بابتنائه زقازق وابن أبي الرداد، وجعله الإخشيد متنزهاً له، وكان يفاخر به أهل العراق.
ولما وصل حبشي والجماعة الذين هربوا معه إلى الإسكندرية كتبوا إلى