وأنه ليس معهم أمر ولا نهي، فقال له: أنا أسلم إليك. فأخذ بيد الحسين بن محمد الماذرائي فسلمه إليه وانحاز، ودخلت عساكر الإخشيد يوم الأربعاء لتسع بقين من شهر رمضان سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، فشقوا المدينة بعد الظهر إلى النيل ولوحوا لمن في الجزيرة، فساروا إليهم في مراكبهم. واستتر محمد بن عليّ الماذرائي، وهرب حبشي رئيس المغاربة وغيره إلى نواحي الفيوم، وانبثت العساكر بالفسطاط ينهبون بقية يوم الأربعاء ويوم الخميس إلى أن نودي بأن من نهب قتل.
ثم دخل الإخشيد إلى دار الإمارة، وكان قد أستأمن إليه قبل ذلك خلق من المصريين، فدخلوا إلى دورهم واطمأنوا. وسمعت بعض الشيوخ المصريين من أهل التنجيم يقولون إن الإخشيد دخا إلى مصر بالطالع الذي دخل به أحمد بن طولون واتفقا في اليوم، وهو يوم الأربعاء لسبع بقين من شهر رمضان.
فلما كان يوم الجمعة، وهو ثالث دخول الإخشيد، ركب الإخشيد إلى الجامع العتيق لصلاة الجمعة، وعسكره بالسواد والسلاح، وسار بين يديه جماعة من ورد معه من الأمراء والقواد وجماعة الموافقة والمعتضدية والحجرية بالسواد. وكان خلفه أخوه عبيد الله بالسواد والسيف والمنطقة لأنه لم يرض أن يسير كأحد الحجاب، ودخل بالمراكب إلى الفيوم في الخليج، وأراد أن تدور فلم تدر لضيق الخليج. فكبس وأخذوه أسيراً، وأقام معهم أياماً ثم ضربوا عنقه صبراً، وأخذوا مراكبه بما فيها. وبلغ الإخشيد قتله فلم يظهر عليه غم لأنه استراح منه ومن اعتداده عليه بأنه أخذ له مصر وكان ابن كلملم كاتباً خبرياً.
فلما كان يوم ثمان وعشرين من شهر رمضان ركب الإخشيد بعد عتمة إلى الجامع العتيق، فحضر الختم في الجامع، وكان بين يديه غلمانه وأصحابه، وأمامه نحو مائة شمعة.
ثم سار الهاربون في المراكب التي أخذوها من ابن كلملم فصبحوا بها الفسطاط مستهل ذي القعدة، ونزلوا على الصناعة، وكانت يومئذ بالجزيرة، وأحرقوا المراكب التي في الصناعة، وركب الإخشيد فوقف حذاءهم عند دار بنت