نائم في كلته فأيقظته فقال: أيش معك؟ قلت: الفضل بن جعفر، فقام فتوضأ وصلى وأخذ عكازاً بيده، ومشى معي بغير شمعة ولا ضوء، وكان يمشي في ضوء سرج الحراس حتى جاء إلى الفضل بن جعفر واجتمعا وخليا واتفقا على ما أراد، ثم أنصرف الإخشيد إلى داره، فقلت للإخشيد: أيش يحمل إلى الرجل، فما أكل اليوم شيئاً؟ فما وجد إلا دجاجتين ولوزاً أخضر وسكراً، فأخذته وجئت به إلى الفضل بن جعفر، فقال: أيش معك؟ فأعلمته فقال: اكسر، فاقبلت أكسر وأطعمه، حتى رجع إلى موضعه.
ووصلت رسل الإخشيد في المراكب مع ابن كلملم إلى الفسطاط ونزلوا الجزيرة. وحصل الفضل بن جعفر بالرملة، وحصل الإخشيد على باب مصر. وكان رسل الماذرائي قد وصلوا إلى الإخشيد وهو بالفرما، فلما قرأ الكتاب الواصل من الراضي إلى الماذرائي قال لهم: سيروا إلى الوزير الفضل بن جعفر وأقرأوا عليه الكتاب، فلما وصلوا إلى الرملة قيدهم الوزير. ثم أنفذ الإخشيد عساكر في البر والبحر، فصبح ابن كلملم في العُشاريات (?) الفسطاط؛ ووجه الماذرائي إليهم من قاتلهم فهزم أصحاب الماذرائي، وأقامت مراكب الإخشيد في الجزيرة أياماً، ثم رجعت إلى أسفل الأرض، فأمر الماذرائي أن تشحن الجزيرة بالسلاح والرجال، فأقام أصحاب الإخشيد خمسة أيام، ثم طلعوا حتى قطعوا الجسر ونزلوا بالجزيرة واحتووا على ما فيها من رجال وكراع (?) وسلاح وعدة، وجعل محمد بن عليّ الماذرائي مراكبه حذاءهم، وأرسل بالعساكر إلى باب المدينة فاصطف المغاربة والمصريون وأخلاط الناس.
ونزل الإخشيد المنية، وأرسل إلى أحمد بن كيغلغ وقال له: هذا كتاب الراضي بتقليدي، فإن سلمت وإلا انصرفت بعد أن آخذ خطك وأشهد عليك بمنعك إياي، وأسير إلى حضرة السلطان. وكان ابن كيغلغ متوفراً على طاعة قد عرفها من شجاعة فيه، وكان قد ثقل عليه أمر محمد بن عليّ الماذرائي وأمر أولاده،