نساءهم، فإنه قال: نريد الوجوهَ الملاح، فضربه واحداً فقتله، واختبطت حلب وقفلت أبوابها، وقفل باب القلعة، فجاء الأمير أبو الحسن سديد الملك، وكان قد نزل لما مات محمود، وقال له نصر: ما يربُّ هذه الدولة غيرك، فلما قتل نصر لم يجسر أن يذكر للوزير النحاس وكان صديقه ذلك ظاهراً، فقال له وهو في القلعة من تحت السور: الأمير نصر سالم كما تحب، ولكن سألتني عن شيء قبل خروجي وهو: القيل فاد، معناه القيل: الملك، وفاد: مات، فاحتفظ ابن النحاس من القلعة وأجلسوا بعده أخاه سابقاً، وكان سابق كما قيل لي من أحسن الناس محاضرةً وأصبحهم وجهاً وأسوأهم فعلاً في نفسه وأفعاله، حدثني مولاي رحمه الله قال: من طريف عمله أنه مدحه الشريف أبو المجد بثلاث قصائد، فتأخرت الجائزة، فكتب إليه وقد ضاع له دنانير ثم وجدها:
قلْ للأميرِ أبي الفضائلِ سابقِ ... قولاً يفوهُ به لسانُ الناطقِ
فبحقِّ من ردَّ الدنانيرَ التي ... ضاعت بتقدير الإله الخالق
أرددْ عليَّ مدائحاً أنشدتها ... ذهبتْ لديك ذهابَ خُلَّبِ بارقِ قال: فأنفذ له قصيدة وكتب إليه على ظهرها: نحن نسأل عن الباقي وننفذه إليك. وأقام بحلب مستضعفاً يغير بني كلاب على باب حلب تاخذ منه الغسالات والقوافل ولا يخرج أحدٌ إلا بخفارة ولا يدخل إلا كذلك، والأمير سديد الملك مقيم بالجسر لعلمه أن الداءَ قد أعضل، قال: فاشتغل عنهم بحصنه وبلده كفر طاب، يشتو بالجسر ويصيف بكفر طاب إلى أن غلب سابق واستحكم بأسه، أنفذ إليه وقال: أشتهي أن تحضر تفصل بيني وبين إخوتي وما قد دهمنا من شرف الدولة، فمضى حينئذٍ وقد أمن غائلتهم.
6 - (?)
[ذَكَرَ أحوال سابق بن محمود بن نصر بن صالح بن مرداس وضعف أمره وقال