جُيُوبِهِنَّ} شققن مروطهن، فاختمرن بها)). وفي رواية للبخاري أيضا: ((أخذن أزرهن، فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها)).
وفي رواية عن صفية بنت شيبة، قالت: ((بينا نحن عند عائشة رضي الله عنها ذكرنا نساء قريش وفضلهن، فقالت عائشة رضي الله عنها: إن لنساء قريش لفضلا، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار، ولا أشد تصديقا لكتاب الله، ولا إيمانا بالتنزيل! لقد أنزلت سورة النور: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهم فيها، ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته، وعلى كل ذي قرابة، فما منهم امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل (?)، فاعتجرت به (?)، تصديقا وإيمانا بما أنزل الله من كتابه، فأصبحن وراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معتجرات، كأن على رؤوسهن الغربان)) (?).
رحم الله نساء الأنصار، ما أقوى إيمانهن! وما أصدق إسلامهن! وما أجمل انصياعهن للحق حين نزوله! وإن كل مؤمنة بالله ورسوله حق الإيمان، لا يسعها إلا أن تتأسى بنساء الأنصار، فتلزم نفسها الزي الإسلامي المميز، غير عابئة بما يحيط بها من عري وتكشف وتبرج، وإني لأذكر موقف فتاة جامعية مسلمة متحجبة، لا يقل روعة عن موقف نساء الأنصار رضي الله عنهن: إذ سألها مراسل صحفي زار جامعة دمشق عن حجابها وعما يصبرها عليه في حر الصيف القائظ، فأجابته: {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا}.
بمثل هؤلاء الفتيات المسلمات الواعيات الطاهرات تعمر البيوت المسلمة، وتربى الأجيال على الفضيلة، ويزخر المجتمع بالرجال الأبطال العاملين البناة، وإنهن اليوم لكثيرات والحمد لله.