وتستهدف مناهله الفكرية والروحية أيضا، وكان المغيرون يحاربون الإسلام والمسلمين على جبهتين؛ مهمة الأولى زحزحة المسلم عن شخصيته الأصيلة، ومهمة الثانية تلويث مناهله الفكرية والروحية، أو تحويله عنها إلى مناهل أخرى غريبة عنه.
ولقد استطاعوا في كثير من بلاد المسلمين أن يهزوا شخصيه المسلم، ويزحزحوها عن أصالتها، ويزجوا بها في حمأة التبعية الفكرية والشعورية والسلوكية، ويعروها من قيم دينها وأخلاقياته ويفرغوها من المحتوى الرباني الذي به أخرجت للناس، وبه دخلت التاريخ، وبه كانت شيئا مذكورا في حياة الإنسانية.
ولن يرد إلى شخصية المسلم عافيتها وأصالتها إلا عودة صادقة إلى منهج الله الخالد، وفهم عميق لحقيقة الرسالة المنوطة بالإنسان المسلم في هذه الحياة، يضع المسلمين أمام واجباتهم الكبرى في حمل هذه الرسالة للناس، بعد أن يتمثلوها عقيدة وعبادة وسلوكا ومنهاج حياة.
ويوم تفيء أمتنا التائهة في دروب الجاهلية، الغارقة في ظلام التبعية، الضالة في متاهات العصبية، يوم تفيء أمتنا إلى ظلال منهج الله الوريف الظليل، تعود كما كانت أمة موحدة متراصة متحابة قوية عزيزة حرة، وعندئذ لن يفل لها سلاح، ولن تنكس لها راية، ولن يهزم لها جيش؛ إنها يومئذ أمة الإيمان، ولقد تأذن رب العزة في محكم كتابه أن ينصر دوما أمة الإيمان: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} (?).