ويسمو الإسلام الحنيف في إنصاف المرأة وتكريمها، وتوصية الزوج بحسن معاشرتها حتى ولو كان كارها لها، وهذا ما لم تصل إليه المرأة في تاريخها كله إلا في هذا الدين. يقول الله تعالى في محكم كتابه: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (?).
إن هذه الآية الكريمة لتلمس وجدان المسلم الصادق، فتهدئ من فورة غضبه، وتفثأ من حدة كراهيته لزوجته، وبذلك يقي الإسلام عروة الزوجية من الانفصام، ويحفظ الرباط المقدس أن يكون عرضة لنزوة العاطفة المتقلبة، وحماقة الميل الأهوج الطائر هنا وهناك. وما أعظم قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لرجل أراد أن يطلق زوجته لأنه يكرهها: ((ويحك ألم تبن البيوت إلا على الدين؟ فأين الرعاية والتذمم؟)).
إن عقدة الزوجية في الإسلام لأكبر من النزوات العاطفية الصغيرة، وأجل من ضغط الميل الحيواني المسعور، وإن في المسلم الحق من المروءة والنبل والتجمل والاحتمال وسعة الصدر وسمو الخلق ما يجعله يرتفع في تعامله مع زوجته التي يكره، بعيدا جدا عن نزوات البهيمة، وطمع التاجر، وتفاهة الفارغ.
بل إن المسلم الحق لا يسعه إلا أن يمتثل أمر ربه، فيحسن معاشرة زوجته، ولو كان كارها لها؛ ذلك أنه يتدبر قول ربه العليم الخبير بما خفي عليه، وهو كثير، بأن الإنسان قد يكره الشيء ويعافه ويود الابتعاد عنه، وهو محفوف بالخير، مفعم بالبركة، ولذلك فإن المسلم الواعي يعرف كيف يحب، ويعرف كيف يكره، فلا يندفع مع من أحب اندفاع الأهوج الأعمى،