{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (?)
وفي قصة جريج العابد عبرة بالغه في أهمية بر الوالدين والمسارعة في طاعتهما، إذ نادته أمه وهو يصلي، فقال: رب، أير أم صلاتي؟ واختار صلاته. ونادته ثانية، فلم يجبها وبقي في صلاته، ونادته ثالثة، فلما لم يجبها دعت عليه ألا يميته الله حتى يريه وجوه المومسات. وزنت مومس براع فحملت منه. فلما خشيت انفضاح أمرها قال لها الراعي: إن سئلت عن أبي المولود فقولي: جريج العابد، فقالت. وهب الناس يخربون صومعة جريج، واقتاده الحاكم للساحة، فبينما هو في الطريق تذكر دعاء أمه فتبسم. ولما قدم للعقاب استمهل حتى يصلي ركعتين، ثم طلب الغلام وهمس بأذنه: من أبوك؟ فقال: أبي فلان الراعي (?)، فهلل الناس وكبروا وقالوا: نعيد بناء صومعتك فضة وذهبا، فقال: لا، بل أعيدوها كما كانت من تراب وطين. وفي هذا الحديث الذي رواه البخاري يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لو كان جريج فقيها لعلم أن إجابته والدته ألزم من استرساله في صلاته. ومن هنا رأى الفقهاء أن المرء إذا كان في صلاة النفل، وناداه أحد والديه فعليه أن يقطع صلاته ويجيبه.
ويسمو نبي الإسلام العظيم بتوجيهاته الكريمة إلى ذروة الإنسانية إذ يوصي ببر الوالدين والإحسان إليهما، ولو كانا على غير دين الإسلام، وذلك فيما حدثتنا به أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، قالت: قدمت علي أمي، وهي مشركة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستفتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،