الإسلام: الصلاة على وقتها، والجهاد في سبيل الله. والصلاة عماد الدين، والجهاد ذروة سنام الإسلام. فأي مقام كريم جليل أحل الرسول الوالدين؟!. ويأتي الرسول الكريم رجل يبايعه على الهجرة والجهاد يبتغي الأجر من الله تعالى، فيتريث في قبوله، ويسأله: ((فهل من والديك أحد حي؟))، فيقول الرجل: نعم، بل كلاهما، فيقول الرسول الكريم: ((فتبتغي الأجر من الله تعالى؟!))، فيجيبه الرجل: نعم، فيقول الرسول البر الرحيم: ((فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما)) (?).
وفي رواية للشيخين: جاء رجل فاستأذن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الجهاد، فقال:
((أحي والداك؟)) قال: نعم، قال: ((ففيهما فجاهد)).
لم يفت الرسول القائد، وهو يعبىء كتائب الجيش للجهاد، أن يذكر بقلبه الإنساني الرقيق ضعف الوالدين وحاجتهما لابنهما، فيصرف هذا المتطوع للجهاد عن التطوع، ويلفته برفق إلى العناية بوالديه، وإنه لفي حاجة إلى كل ساعد يضرب بالسيف آنذاك، تقديرا منه - صلى الله عليه وسلم - لخطورة البر بالوالدين وحسن القيام على شؤونهما في منهج الإسلام الكامل المتوازن الفريد الذي رسمه الله لسعادة الإنسان.
ولما أنكرت أم سعد بن أبي وقاص عليه إسلامه، وقالت له: إما أن ترجع عن إسلامك وإما أن أضرب عن الطعام حتى أموت، فتكسب معرة العرب، إذ سيقولون: قاتل أمه، أجابها سعد: تعلمين والله لو كان لك مئة نفس، وخرجت نفسا نفسا ما رجعت عن إسلامي. وصبرت أمه يوما فيومين، وفي اليوم الثالث أجهدها الجوع فطعمت، وأنزل الله تعالى قرآنا تلاه الرسول على المسلمين فيه عتاب لسعد على شدته مع أمه في جوابه لها: