قلت: قدمت على أمي وهي راغبة (?)، أفأصل أمي؟ قال: ((نعم صلي أمك)) (?).
إن المسلم الحق الواعي هذه التوجيهات القرآنية العالية، واللفتات النبوية السامقة، لا يسعه إلا أن يكون من أبر خلق الله بوالديه، وأحسنهم عشرة لهما، في كل حال وفي كل آن، وهذا ما كان عليه الصحابة ومن تبعهم بإحسان؛ فقد سأل رجل سعيد بن المسيب رضي الله عنه قائلا: لقد فهمت آية بر الوالدين كلها إلا قوله تعالى: {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}، فكيف يكون القول الكريم؟ فأجابه سعيد: يعني خاطبهما كما يخاطب العبد سيدة. وكان ابن سيرين (رضي الله عنه) يكلم والدته بصوت ضعيف، كأنه صوت مريض إجلالا لها واحتراما.
ونحن إذا غادرنا هذه الصفحة المشرقة الوضيئة من التحبيب بالبر بالوالدين، وأدرنا الطرف بالصفحة المقابلة في التحذير من عقوقهما، رأيناها صفحة سوداء معتمة قاسية، تقرع قلب الولد العاق الصلد، وتهز ضميره من الأعماق.
إنها لتجبه كل عاق لوالديه باقتران العقوق بالإشراك بالله، كما اقترن البر بهما هناك بالإيمان بالله، فإذا العقوق جريمة سوداء بشعة قاتمة، ينهلع لها لب المسلم الصادق، ويطير لها صوابه. إنها أكبر الكبائر، وأفدح الخطايا والذنوب:
عن أبي بكرة نفيع بن الحارث قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا أنبئكم