{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} (?).
فلا بدع أن يقبل المسلم الصادق على هذه الرسالة إقبال الربيع، فيهبها كل خيره، ويمنحها كل كنوزه، ويضع في سبيل نصرتها كل وقته وجهده وماله؛ ذلك أنها سمة حياته المتميزة، ومعنى وجوده السامي، وعنوان قربه من الله، لا طعم لحياته إلا بها، ولا معنى لوجوده بدونها، ولا اطمئنان إلى رضوان الله إلا بالعمل المتواصل الدؤوب على تحقيقها.
وهي، بعد، أعظم عبادة يقوم بها المسلم المتبتل الصادق، يتقرب بها إلى الله، وهي أجل عمل يدنيه منه، ويكسبه رضاه. ومن هنا كان المسلم الواعي عاملا دوما على نصرة هذه الرسالة وتحقيق هدفها الكبير في الحياة، لا يمنح ولاءه إلا لها، ولا يرفع راية إلا رايتها، ولا يلتزم بعقيدة سواها.
ومن أجل بلوغ هذا المرتقى السامي الوضيء يفيء المسلم دوما إلى ظلال القرآن الوارفة المعطرة، يستروح فيها نسمات الهداية الندية البرود، ويستشرف آفاق الخير، تفتحها له آيات الذكر الحكيم، فهو يكثر من تلاوته في تدبر وتفكر وخشوع، ويجعل لهذه التلاوة أوقاتا لا تتخلف، يخلو فيها إلى ربه يتلو كلامه، فتنسرب معانيه في نفسه فتزكيها، وتلامس عقله فتنميه، وتخالط قلبه فتزيده إيمانا وطمأنينة: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (?).
وحسب المسلم التقي الواعي أن يتملى الصورة الجميلة المحببة لقارئ القرآن التي رسمها الرسول الكريم ببيانه البليغ الفذ، ليملأ بياض