من هنا بدت شخصية الإنسان المسلم متوازنة سوية متكاملة، لا يطغى
فيها جانب على آخر، كما يقع في المجتمعات التي يربي الإنسان فيها مناهج البشر القاصرة التي كثيرا ما تتحكم في وضعها الأهواء والبدع والمفاهيم المنحرفة والضلالات.
إن شخصية الإنسان المسلم، كما جلتها هذه الدراسة، طائعة لله، منصاعة لهديه، أوابة إلى حماة، راضية بقضائه وقدره، همها دوما مرضاة ربها.
وهي شخصية متوازنة تعطي للجسم حقه من العناية، وللمظهر ما يستوجبه من الرعاية، ولا يلهيها هذا المظهر عن المخبر اللائق بالإنسان الذي كرمه الله، وأسجد له ملائكته، وسخر له ما في السموات والأرض، بل تعنى بما يكون فيها العقل الراجح، والتفكير السديد، والمنطق السليم، والفهم العميق لحقائق الأشياء، والنظرة النافذة إلى لب هذه الحقائق وجوهرها، ولا يعزب عنها أن الإنسان ليس مكونا من جسم وعقل فحسب، وإنما له قلب يخفق، وروح ترفرف، ونفس تهجس، وأشواق عليا تدفعه إلى الاستعلاء على هذه الحياة المادية وحطامها، والصعود في معارج الخير والفضيلة والنور، ومن هنا تعنى بالتربية الروحية كما تعنى بالتربية الجسمية والعقلية سواء بسواء، في توازن محكم دقيق، بحيث لا يطغى جانب من هذه الجوانب على آخر.
وهي مع الوالدين مثال للبر الصادق، والإحسان الجميل، والرحمة المتناهية، والتهذيب الكامل، والوفاء العميق.
وهي مع الزوجة مثال لحسن العشرة، ولطف المعاملة، وذكاء التصرف وعمق الفهم لتكوين المرأة ونفسيتها ومزاجها، وحسن القوامة عليها.