لقد جلت الفصول السابقة شخصية الإنسان المسلم كما أرادها الإسلام، وصورتها نصوصه القاطعة من آيات بينات وأحاديث صحيحة، موضحة علاقة الإنسان المسلم بربه، وتحقيقه التوازن الحكيم في نفسه بين جسمه وعقله وروحه، مبينة صلاته الاجتماعية بغيره، كالوالدين، والزوجة، والأولاد، والأقرباء من ذوي الأرحام، والجيران، والإخوان والأصدقاء، وأبناء مجتمعه قاطبة بكل فئاتهم وأنماطهم وطبقاتهم.
وبدا واضحا مما تقدم في تلك الفصول: أن الإنسان المسلم الذي أراده الإسلام إنسان فذ فريد في أخلاقه وصلاته الفردية وعلاقاته الاجتماعية جميعا.
وبدا واضحا أيضا أن الإنسان في تاريخه الطويل لم يحظ بمكونات الشخصية الفاضلة المتكاملة كما حظي الإنسان المسلم حين تلقى إشراقة الوحي والهداية الربانية من نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة.
ذلك أن الإسلام لم يحفل بحشو عقل الإنسان بالمعارف الفلسفية كما
صنع اليونان، ولا بالروحانيات المهومة المغرقة كما فعل الهنود، ولا بتربية الجسم الرياضية كما فعل الرومان، ولا بالفلسفة المادية النفعية كما يعنى العالم المادي اليوم شرقيه وغربيه سواء، وإنما اختط الإسلام منهجا متوازنا متكاملا في تربية الإنسان، آخذا بعين الاعتبار جسمه وعقله وروحه، انطلاقا من نظرته القويمة للإنسان على أنه مخلوق مكون من جسم وعقل وروح.