فالغفلة لا ترين على قلب خفق بحب الله وتقواه، ولكنها ترين على القلوب التي أعرضت عن أمره وهداه. وقلب المسلم الصادق متفتح دوما إلى الاستغفار والتوبة والإنابة، مستروح أبدا نسمات الطاعة والهداية والتقى والرضوان.
والمسلم الصادق يبتغي في أعماله كلها وجه الله، همه مرضاة ربه في كل خطوة من خطواته، وفي كل عمل من أعماله، لا مرضاة الناس، بل قد يضطر أحيانا إلى إغضاب الناس في سبيل مرضاة الله، مستهديا في ذلك كله بقول الرسول الكريم:
((من التمس رضاء الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن التمس رضاء الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس)) (?).
ومن هنا هو يزن أعماله بميزان مرضاة الله عز وجل، فما رجحت به كفة هذا الميزان قبله وارتضاه، وما شالت به الكفة أعرض عنه وجفاه. وبذلك تستقيم مقاييس المسلم، وتتضح أمام عينيه معالم الطريق القصد والسبيل القويم، فلا يقع في متناقضات مضحكة سخيفة، كأن تراه يطيع الله في أمر ويعصيه في آخر، أو يحل الشيء عاما ويحرمه عاما؛ إذ لا مجال للتناقض ما دامت المنطلقات صحيحة، والمنهج بينا، والمقاييس ثابتة.
إن الذين تراهم في المسجد مصلين خاشعين، ثم تراهم في السوق يتعاملون بالربا، أو تراهم في البيت أو الشارع أو المدرسة أو المنتدى لا يقيمون شرع الله على أنفسهم وزوجاتهم وأولادهم ومن يعولون، يعانون نقصا واضطرابا في فهمهم وتصورهم لحقيقة هذا الدين المتكامل الذي