والمسلم الصادق راض دوما بقضاء الله وقدره، يضع نصب عينه حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((عجبا لأمر المسلم! إن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)) (?).
ذلك أن المسلم الصادق يعتقد في أعماقه أن الإيمان بالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان، وأن ما يصيبه في هذه الحياة ما كان ليخطئه، لأنه قدر مقدور، لا قبل له بدفعه، وأن رضاه بقضاء الله وقدره يكسبه الثواب الجزيل من الله، ويكتبه عنده من المؤمنين الطائعين الفائزين.
ومن هنا كان أمره كله خيرا، إن أصابته سراء لهج لسانه بالشكر الجزيل لربه الكريم المنعم المتفضل، وإن أصابته ضراء صبر امتثالا لأمره، ورضي بقضائه وقدره، وفي كلا الحالين خير له، أي خير.
وقد تغشى نفس المؤمن أثارة من غفلة، فتزل به القدم، أو يقع في تقصير، لا يليق بالمؤمن البصير المطيع الخابت الخاشع، ولكنه سرعان ما يتذكر ويتنبه وينتفض من غفلته، وينخلع من زلته، ويستغفر من تقصيره، ويؤوب إلى حمى ربه الآمن مخبتا نادما مستغفرا:
{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} (?).