وتزداد خطورة النصيحة في تقرير مصير المسلم في آخرته حين يلي أمرا من أمور المسلمين، إنها حينئذ المفتاح الذي يلج به جنان الخلد، فإن لم يحز عليه في دنياه حرم عليه دخولها في آخرته وعقباه، وفي ذلك يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:
((ما من عبد يسترعيه الله رعيته، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة)) (?). وفي رواية: ((فلم يحطها بنصحه لم يجد رائحة الجنة)).
وفي رواية لمسلم: ((ما من أمير يلي أموز المسلمين، ثم لا يجهد لهم وينصح لهثم إلا لم يدخل معهم الجنة)).
ألا ما أعظتم مسؤولية الحاكم في الإسلام، ومسؤولية كل إنسان ولي أمرا من أمور المسلمين! وما أعظم أثر النصيحة للرعية في تقرير مصير الراعي، يوم يقوم الناس لرب العالمين. وإذا ما تمثلت لأبصارنا مسؤولية كل واحد منا في دائرته الاجتماعية التي بينها الرسول الكريم بقوله: ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) أدركنا شمول المسؤولية في مجتمع المسلمين، حتى ما يكاد يفلت من قبضتها إنسان، ومن هنا كان المجتمع الإسلامي الحق القائم على هذه المبادئ والقيم الربانية، أرقى المجتمعات البشرية وأكثرها أمنا ونظافة واستقامة.
والمسلم الحق الذي ارتوت نفسه من هدي الإسلام، يتحلى أيضا بالخلق الإيجابى المحبب، خلق الوفاء بالعهد، وإنجاز الوعد. ولا نغالي إذا قلنا: إن هذا الخلق من أهم عوامل نجاح الإنسان في مجتمعه، ومن أدل الخلائق على رقة الإنسان وسمو منزلته ورفعة مستواه الاجتماعي.