والمسلم من هذا النمط الراقي من الناس الموفين بالعهد، بل هو أرقاهم على الإطلاق حين يكون مسلما حقا، لأن خلق الوفاء بالعهد من آصل الأخلاق الإسلامية، ومن أكثرها دلالة على صحة إيمان المسلم وحسن إسلامه، وقد جاءت بذلك الآيات والأحاديث الكثيرة، تحض على التحلي بهذا الخلق وتشير إلى أنه من علامات الإيمان، وتهدد المتحللين منه، وتؤكد أنه من علامات النفاق:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (?).
{وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} (?).
فليس العهد كلمة طائرة يلقيها صاحبها، ولا يفي بالتزاماتها كما يفعل كثير من المسلمين اليوم، وإنما هي مسؤولية سيناقش عليها الحساب.
{وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} (?).
إنه عهد الله، أضيف اليه، فاكتسب الجلالة والقدسية والاحترام، ووجب الوفاء به، مهما تكن الظروف:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (?).
فالإخلاف بالوعد، والتحلل من العهد، من المقت السيء الكبير الذي يكرهه الله لعباده المؤمنين، ولا يريد لهم أن يسفوا إليه، ولا يخفى ما في الاستفهام في صدر الآية من إنكار يخزى منه المؤمن الوفي، ويندى له جبينه حياء من ربه.