خاشعا، وقافا عند حدوده، ممتثلا أمره ولو خالف هواه، منصاعا لهديه ولو جاء على غير مزاجه، ومحك إيمان المسلم هذا الآنصياع والامتثال لأمر الله ورسوله في كل كبيرة وصغيرة من غير تحفظ ولا احتراس ولا استثناء:
((لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به)) (?).
{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (?).
إنه الاستسلام المطلق لحكم الله ورسوله، والطاعة الكاملة المطلقة أيضا، وبدونهما لا يكون إيمان، ولا يتحقق إسلام. ومن هنا ينتفي من حياة المسلم الصادق الآنحراف عن هدي الله، والمجانبة لأمر رسوله، سواء أكان ذلك في شخص المسلم أم في أسرته وأطرافه، ممن له عليهم التوجيه والمسؤولية والسلطان.
ذلك أنه ما من تقصير أو تهاون أو تفريط في جنب الله ورسوله، يقع فيه أحد أفراد أسرة هذا المسلم إلا وهو مسؤول عنه:
((كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته ... )) (?).
وهذه المسؤولية التي يحسها المسلم الصادق من جراء تفريط أحد أفراد أسرته تخز جنبه، فلا يطيق عليها صبرا، ويسارع في إزالة أسبابها مهما تكن النتائج، فما يصبر على هذه المسؤولية، وما يطيق السكوت عليها إلا رجل في إيمانه ضعف، وفي دينه رقة، وفي رجولته خور.