لصلاة الفجر. قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا، فلما مضت الثلاث الليالي وكدت احتقر عمله قلت: يا عبد الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجرة، ولكن سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ثلاث مرات: ((يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة))، فطلعت أنت الثلاث مرات، فأردت أن آوي إليك فانظر ما عملك فأقتدي بك، فلم أرك عملت كبير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: ما هو إلا ما رأيت، فلما وليت دعاني فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه، فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق)).
إن هذا الحديث الشريف ليدل على أثر صفاء النفس من الحقد والحسد، وسلامة الصدر من الضغينة والغدر في تقرير مصير الإنسان في آخرته، ورفع مكانته عند الله، وتقبل عمله، ولو قل. وإن هذا الأثر ليبدو واضحا جدا بمقارنة هذا الرجل الذي لم يأت من العبادة إلا بالقليل، ودخل الجنة بصفاء سريرته وسلامة الناس من أذاه، بالمرأة التي سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها، وهي امرأة تقوم الليل وتصوم النهار، ولكنها تؤذي جيرانها، فقال: ((لا خير فيها، هي من أهل النار)) (?).
ذلك أن الإنسان الذي ترجح كفته دوما في ميزان الإسلام هو الإنسان الصادق الصافي الخالية نفسه من الغش والغدر والحسد والضغينة، ولو كان قليل العبادة، فمثله، على قلة عبادته، كمثل لبنة متماسكة نظيفة في بناء المجتمع الإسلامي، أما الإنسان الذي طوى صدره على مقت الناس وحسدهم وأذاهم وغشهم، فإن كفته تطيش في ميزان الإسلام، ولو كثرت عبادته، لأن مثله كمثل لبنة هشة فاسدة في بناء المجتمع، وقد تكون هي