وأنبلها، وأبرع الأساليب النفسية التربوية في اقتلاع جذور السوء من بعض النفوس.
أتى محمد بن عبد الله بن سلام رضي الله عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: آذاني جاري، فقال: ((اصبر))، ثم عاد إليه الثانية، فقال: آذاني جاري، فقال: ((اصبر))، ثم عاد الثالثة، فقال: آذاني جاري، فقال: ((اعمد إلى متاعك فاقذفه في السكة، فإذا أتى عليك آت، فقل: آذاني جاري، فتحقق عليه اللعنة، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره .... )) (?).
بهذا الهدي النبوي العالي، وتوجيهاته السامية في حسن الجوار يعرف المسلم التقي الواعي حق جاره عليه في كل آن، فإذا هو عون له في الشدائد، وبهجة في الرخاء، يأسى لأساه، ويفرح لما يسره ويرضيه، إن افتقر بره وأسعفه، وإن ألم به مرض عاده وواساه وأعانه، وإن وافاه الأجل شيعه وواسى أهله وأحسن إليهم، ولا يغيب عن باله قط مراعاة شعور جاره وشعور أسرته، والبعد عما يخدش هذا الشعور أو يؤذيه من قريب أو بعيد.
هذه نظرة الإسلام العالية للجار، وتلك تعاليمه الراقية السمحة فيه لكل
مسلم مهتد إلى حقيقة إسلامه، مستضيء بنور هديه، مطبق أحكامه على نفسه وعلى أسرته.
فهل من عجب- بعد هذا كله- أن يكون المسلم الصادق أفضل جار
عرفته المجتمعات البشرية؟!