حين لم يعرف هذا عنا في جاهليتنا، بله إسلامنا، إذ كان شاعرنا الشهم الغيور على الأعراض يقول حينما يصادف جارته (?):
وأغض طرفي ما بدت لي جارتى…حتى يواري جارتي مأواها
وقال الشاعر الأموي مسكين الدارمي:
ناري ونار الجار واحدة…وإليه قبلي تنزل القدر
ما ضر جارا لي أجاوره…ألا يكون لبابه ستر
أعمى إذا ما جارتي برزت…حتى يغيب جارتي الخدر
ولقد نمى الإسلام هذا الخلق الإنساني النبيل فينا، إذ حشد تلك النصوص الضخمة في رعاية الجار، وصيانة عرضه، والحفاظ على شرفه، وستر عورته، وسد خلته (?)، وغض البصر عن محارمه، والبعد عن كل ما يريبه ويسيء إليه.
فلا بدع أن يكون المسلم الحق الصادق خير جار عرفته المجتمعات البشرية في كل آن ومكان.
إن المسلم المتفتح الذهن، اليقظ البصيرة، المرهف الإحساس، الواعي أخلاق دينه وتوجيهاته الاجتماعية الراقية نحو جيرانه، ليحسب ألف حساب لخصومة قد تستعر بينه وبينهم لسبب من الأسباب؛ ذلك أن تحذير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مخاصمة الجيران لا يبارح سمعه:
((أول خصمين يوم القيامة جاران)) (?).
بل إن المسلم الراقي في إسلامه، لا يدخر وسعا في إسداء المعروف