((ثلاثة من العواقر: إمام إن أحسنت لم يشكر، وإن أسأت لم يغفر، وجار سوء إن رأى خيرا دفنه، وإن رأى شرا أذاعه، وامرأة إن حضرت آذتك، وإن غبت عنها خانتك)) (?).
ومن هنا ترتسم في مخيلة المسلم التقي الواعي صورة جار السوء البشعة، كما وصفها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا هو منها بعيد جد بعيد.
ويحذر المسلم الحق من الوقوع في إثم أو خطيئة مع جاره على وجه الخصوص؛ ذلك أن الإثم مع الجار أشد وقعا، وأفدح جريمة مع سواه، وذلك مصداق قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذ سأل أصحابه عن الزنا، فقالوا: حرام، حرمه الله ورسوله، فقال:
((لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره)). وسألهم عن السرقة، فقالوا: حرام، حرمها الله عز وجل ورسوله، فقال: ((لأن يسرق من عشرة أهل أبيات أيسر عليه من أن يسرق من بيت جاره)) (?).
إن للجار في الإسلام لحرمة مصونة، لم تعرفها قوانين الأخلاق، ولا شرائع البشر، بل إن تلك القوانين والشرائع الوضعية لتستمرئ العبث بحرمة الجار وعرضه، إذ غالبا ما يكون العبث بعرض الجار أسهل تناولا، وأقل كلفة، وأسنح فرصة من العبث بأعراض غيره. وما شاعت فينا تلك الأغاني المائعة التي تصف جار الشباك وغيره إلا حينما زايلتنا أخلاق الفتوة والإيمان، وغشيتنا غواش من ليل التقليد وموجات الغزو الفكري والحضاري، فبات الفتى الأرعن الرخيص فينا يتغنى بجارته ويتغزل بها، في