((من سعادة المرء المسلم في الدنيا الجار الصالح، والمنزل الواسع والمركب الهنيء)) (?).
ولقد بلغ من تقدير السلف للجار الصالح أنهم كانوا يعدون جواره نعمة
لا تقدر بمال، وغنيمة لا يعدلها عرض من أعراض الدنيا. ومما يروى في ذلك أن جار سعيد بن العاص ساوم على مئة ألف درهم في داره، ثم قال للمشتري: هذا ثمن الدار، وبكم تشتري جوار سعيد؟ فلما علم سعيد بذلك بعث إليه بالثمن واستبقاه في داره.
هذه هي منزلة الجار في الإسلام، وهذه هي خلائق الجار المسلم الصالح، وهذه هي صفحته المشرقة الغراء، فما هي صفحة جار السوء؟
إنها لصفحة قاتمة كابية كالحة معتمة، لا يستطيع الوجدان المسلم المرهف أن يتملاها دون أن يهتز فرقا، ويمتلئ هلعا ورعبا وكراهية لجار السوء.
إنه إنسان عري من نعمة الإيمان، أكبر نعم الخالق على خلقه، ورأس كل فضيلة في هذه الحياة، وقد أكد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انسلاخ هذه النعمة عن جار السوء تأكيدا لا هوادة فيه ولا تساهل ولا لين فقال:
((والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن))، قيل: من يا رسول الله؟ قال: ((الذي لا يأمن جاره بوائقه (?))) (?).