رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)) (?).
ومن هنا كان أهل الكتاب يعيشون في جوار المسلمين، آمنين مطمئنين على أنفسهم كأعراضهم وأموالهم ومعتقداتهم، ينعمون بحسن الجوار، وكرم المعاملة، وحرية العقيدة، يشهد لذلك قيام كنائسهم منذ أقدم العصور في قرى مسلمة معلقة فوق رؤوس الجبال، وحولها آلاف المسلمين، يحيطون جيرانهم من أهل الكتاب بالرعاية والحماية والبر والعدل، جريا على أدب القرآن القائل:
{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (?).
ولا يغيب عن بال المسلم الواعي التنظيم الدقيق الذي وضعه الإسلام حينما صنف الإحسان للجيران، فأمر بتقديم الأقرب فالأقرب، مراعيا قوة العلاقة بين الجارين المتلاصقين، وما يكون بينهما عادة من حساسيات يجدر مراعاتها، استبقاء للألفة والمودة والوئام.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، إن لي جارين فإلى أيهما أهدي؟ قال: ((إلى أقربهما بابا)) (?).
ولقد وعى الصحابة الكرام هذا الهدي النبوي الرفيع في معاملة الجيران، فكانوا لا يخصون ببرهم وإكرامهم الجار الأقصى قبل الأدنى، وفي