((يا نساء المسلمات، لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة)) (?) وفرسن الشاة: ظلفها، وهو كناية عن القلة، أي لا تحقرن جارة أسدت إلى جارتها شيئا من معروف، ولو كان قليلا كفرسن شاة، فهو خير من العدم، والله تعالى يقول: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} (?)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اتقوا النار ولو بشق تمرة)) (?).
على أن هذا الحديث الشريف، بما أفاد سياقه من عموم، يحتمل أن يكون نهيا للجارة المعطاة أيضا عن الاحتقار، ويكون معناه عندئذ: لا تحقرن جارة معروفا أسدته إليها جارتها، ولو كان هذا المعروف قليلا كفرسن شاة، بل ينبغي أن تشكرها عليه، فبالشكر على المعروف تشيع الألفة بين الجيران، وتنمو المودة ويربو التكافل والتراحم في حياتهم، هذا إلى ما في شكر الإنسان على المعروف من خلق إسلامي أصيل، أكده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحض عليه بقوله:
((لا يشكر الله من لا يشكر الناس)) (?).
ولا يقتصر المسلم الواعي في إحسانه لجيرانه على الأقربين منهم أو المسلمين، بل يتعداهم إلى جيرانه من غير المسلمين؛ ذلك أن سماحة الإسلام تمتد وتتسع، حتى إنها لتشمل الناس جميعا، على اختلاف أديانهم ونحلهم؛ فهذا عبد الله بن عمرو الصحابي الجليل تذبح له شاة، فيسأل غلامه: ((أهديت لجارنا اليهودي؟ أهديت لجارنا اليهودي؟ فإني سمعت