فكل من جاورك في السكن له عليك حق الجوار، ولو لم يكن بينك وبينه وشيجة من نسب، أو رابطة من دين. وفي هذا تكريم للجار أي تكريم في شرعة الإسلام الإنسانية السمحة الغراء.
ومن هنا كانت أحاديث الرسول الكريم تترى موصية بالجار على وجه العموم، غير ناظرة إلى قرابته أو دينه، مؤكدة أهمية علاقة الجوار في الإسلام، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -:
((ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)) (?).
إنها للمنزلة الكريمة العالية، يمنحها الإسلام للجار على لسان الروح الأمين جبريل، الذي ما فتئ يؤصلها ويؤكدها للرسول الكريم حتى حسب أنها سترفعه إلى درجة القرابة، فتجعله وارثا مثلهم.
وقد لهج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إزاء توصية جبريل، بالحض على إكرام الجار والإحسان إليه، حتى إنه لم يخل خطبته التاريخية في حجة الوداع التي اعتصر فيها أهم ما ينبغي قوله للمسلمين من أن يجعل للجار فيها حيزا كبيرا، لفت نظر الصحابى الجليل أبي أمامة، حتى ظن أيضا أن الرسول الكريم سيورثه، وذلك في قوله:
((سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو على ناقته الجدعاء في حجة الوداع يقول: أوصيكم بالجار حتى أكثر، فقلت: إنه يورثه)) (?).
وتبلغ وصية الرسول الكريم بالجار حدا من الأهمية والخطورة، يجعل الإحسان إليه، والتنزه عن أذاه، علامة من علامات الإيمان بالله واليوم الآخر، ونتيجة حتمية من نتائجه الحسان، وذلك في قوله - صلى الله عليه وسلم -: