رد الإمام الغزالى عليهم:

أولاً: قالوا إن ذلك يفضى إلى القول بوجود أبعاد وامتدادات لا نهاية لها وذلك إذا قلنا أن الأجسام لا تتناهى.

أقول: وهذا الزعم باطل:

لأن الفلاسفة يقولون بقدم العالم أي بعدم وجود أول لهذا الكون:

ومعنى ذلك أنهم يؤمنون بوجود أبعاد زمانية لا تتناهى في القدم.

كما يؤمنون بأن المادة لا تفنى. فهم يؤمنون بوجود أجسام لا تتناهى , ومع أن عقيدتهم في قدم العالم وبقائه عقيدة فاسدة إلا أن مسلَّمات الخصم وهى لازم قولهم تبطل دعواهم.

ثانيا: قالوا أن التراب لا يقبل تدبير النفس ما بقى ترابا. بل لا بد أن تمتزج العناصر امتزاجا يضاهى النطفة. فالخشب والحديد لا يكونان إنسان إلا إذا تحولت إلى لحم وعظم. ومهما استعد البدن لقبول النفس فلا بد من محاكاة الجسد الأصل.

رد الإمام الغزالي عليهم:

وقد رد الإمام الغزالي رحمه الله على هذا القول بأن النفس باقية بجوهرها , بعد فناء الجسد دلت على ذلك نصص القرآن الكثيرة , قال تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) .

فالنفس باقية.

ومادامت النفس قائمة فيمكن أن ترد إلى أي بدن. سواء أكان هذا البدن من مادة البدن الأول أم من غير مادته. أم من مادة جديدة استأنف الله خلقها. لأن الإنسان إنسان بالنفس , لا بالبدن , فأجزاء البدن تتبدل من صغر إلى كبر ومع تغير الجسم فهو ذلك الإنسان بعينه.

أقول: وكلامهم مردود لخلق آدم من طين. وتحويل هذا الطين إلى خلق آخر يقبل تدبير النفس.

وقد صرح القرآن بأن قدرة الله على إعادتهم لا علاقة لها بنوع المادة التي صاروا إليها , ما دام الخلق يتم بمجرد تعلق قدرة الله في الإيجاد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015