عقيدة الفلاسفة:

أما الفلاسفة فقد بالغوا في الجانب المعنوى , مبالغة أوصلتهم إلى أنكار بعث الأجسام , وتأويل آياته. فالنعيم عندهم عقلى فقط , والذى ينعم أو يعذب هو النفس.

قالوا: إن تلذذ النفس بعد مفارقة البدن ليس من نوع تلذذها قبل مفارقته. لأن النفس قبل مفارقة البدن مشغولة بالعوائق البدنية والموانع الدنيوية , وقد زالت الموانع بعد المفارقة , وغير خاف أن التلذذ بالشئ بعد زوال المانع يكون أشد منه عند وجود المانع. وشبهوا العلاقة بين اللذتين بشم رائحة الطعام وأكله , بل أشد.

موقفهم من العبادات:

على أنهم لم ينكروا دور العبادات والنسك في تطهير النفس وترفعها عن الرزائل.

وجعلوا جزاء ذلك أن تتصل النفس بعد مفارقتها للبدن ببعض الأجرام الفلكية , فتتلذذ لذة تشبه لذةَ النائم إذا أكل أو نكح في منامه - لأن ذلك في منامه يفوق لذته في اليقظة. هذا بالنسبة للنعيم.

أما النفس التي انكبت على الاعتقادات الفاسدة فإنها تجد من الألم ما يزيد ويربوا على حالها الأول , لاستحكام نقيض الحق في جوهرها.

أما نفوس الأطفال والمجانين , فيعتقد الفلاسفة , حرمانها من النعيم , لأنها لا تدرك اللذة العقلية.

فالفلاسفة بالغوا في الجانب العقلى وأهملوا الحساب البدنى.

حشر الأبدان:

أما حشر الأبدان فإنهم قضوا باستحالته , وعللوا ذلك بعلل واهية , نذكرها ثم نرد عليها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015