قال: نعم مر وهذا عيبه ... مذ كنت يا مولاي لا أحبه
هذا الذي مات به بقراط ... وسم في الكأس به سقراط
فالتفت السلطان فيمن حوله ... وقال: كيف تجدون قوله
قال لنديم: يا مليك الناس ... عذرا فما في فعلتي من باس
جعلت كي أنادم السلطانا ... ولم أنادم قط باذنجانا1.
هذه هي حال أهل المداهنة، يراوغون، ويخاتلون، ويخادعون، ويكذبون، ويسترون وجه الحقيقة الأبلج، ولا يبالون بما يترتب على ذلك من عواقب.
أما الذين يعرفون ما في المداهنة من شر، ويحزنهم أن يظهر الشر على من في استطاعته الخير ـ فيربأون بألسنتهم أن تساير في غير حق، ويؤثرون نصح الوجيه على أن يزينوا له ما ليس بزين؛ لعلمهم بأن المداهنة خيانة، وتفريط في أداء الأمانة، وأنها ضرر محض على أصحابها، وعلى من يسايرونه في باطله.
ثم إن الوجيه الحازم يكره المداهنة، ويملأ عينيه باحترام من يوقظه لوجه الخير إذا كان في غفلة منه، ولوجه الشر إذا اشتبه عليه.
كذلك من عظماء الرجال من يبغض المداهنة، ولا يقبل من جليسه مبالغة في مدح، أو مسايرة في باطل.
والأجلاء من علماء الدين، الذين كانوا يداخلون رجال السياسة، فينعقد بينهم التئام او صداقة ـ كانوا يأخذون بسنة