8ـ من المداهنة ـ بل من أسوأ المداهنة ـ أن يلاقي المداهن الرجلين بينهما عداوة، فيغري بعضهما ببعض، ويظهر لكل واحد منها الرضا عن معاداته لصاحبه، ويوافقه على دعوى أنه المحق، وأن صاحبه المبطل.
9ـ من المداهنة أن يجعل المداهن لسانه طوع بغية الوجيه: فتراه يسبق هوى الوجيه، ويعجل إلى قول ما يشتهيه الوجيه، فيمدح ما يراه الوجيه حسنا، ويذم ما يراه الوجيه سيئا، بغض النظر عن قناعة هذا المداهن من عدمها.
قال شوقي في إحدى حكاياته الشعرية قصيدة عنوانها "نديم الباذنجان" قال فيها:
كان لسلطان نديم واف ... يعيد ما قال بلا اختلاف
وقد يزيد في الثناء عليه ... إذا رأى شيئا حلا لديه
وكان مولاه يرى ويعلم ... ويسمع التمليق لكن يكتم
فجلسا يوما على الخوان1 ... وجيء في الأكل بباذنجان
فأكل السلطان منه ما أكل ... فقال: هذا في المذاق كالعسل
قال النديم: صدق السلطان ... لا يستوي شهد2 وباذنجان
هذا الذي غنى به الرئيس3 ... وقال فيه الشعر جالينوس
يذهب ألف علة وعلة ... ويبرد الصدر ويشفي الغلة
قال4: ولكن عنده مراره ... وما حمدت مرة آثاره