ابْن الشريف بَرَكَات وَكَانَ يعس الْبَلَد عَبْدَيْنِ سارقين فَضرب أعناقهما وَرمى بجثتيهما تَحت جميزة المعلاة وَذكروا للأتراك أَنَّهُمَا الْغُرَمَاء فرضوا واصطلح السَّادة الْأَشْرَاف مَعَ الشريف ودخلوا مَكَّة ثمَّ حصل لمولانا الشريف بَرَكَات مرض وَاسْتمرّ نَحْو شهر زمَان فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة الْخَمِيس ثامن عشري ربيع الثَّانِي من السّنة الْمَذْكُورَة أَعنِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين توفّي شرِيف مَكَّة مَوْلَانَا المرحوم الشريف بَرَكَات بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن بَرَكَات بن أبي نمي وَدفن وَقت الضحوة يَوْمه فِي حوطة الشَّيْخ النَّسَفِيّ بِوَصِيَّة مِنْهُ وَلم يحصل للنَّاس لَا خوف وَلَا فزع وَكَانَت مُدَّة ولَايَته عشر سِنِين وَأَرْبَعَة أشهر وَسِتَّة عشر يَوْمًا رَحمَه الله رَحْمَة وَاسِعَة آمين وَمِمَّا قيل فِيهِ من الشّعْر قولي قصيدة حِين عوده من ذَهَابه لخفارة الْحَاج الشَّامي فوصل الْبِلَاد الْمُسَمَّاة بالحِجر ديار ثَمُود فَوَافَقَ حَال دُخُوله حُصُول مطر بهَا اشرت إِلَى ذَلِك فِي القصيدة وَهِي // (من الْبَسِيط) //
(مَا ظَلَّلَ البيرق الْمَنْصُور سُلْطانَا ... إِلَّا وكُلُّهُمُ فِي ظِلِّ مَوْلانا)
(أَبَا زُهَيْر الْعلَا بَرَكَات سيِّدنا ... وَإِلَى البسيطةِ عجماناً وعُرْبَانا)
(حامي حِمَى مكَّة الغَرَّا وطيبةَ مَعْ ... أقطارِ أنحائها حفْظًا وإتْقَانا)
(ذُو هِمَّةٍ همة الإسكندرىِّ غدَتْ ... أقلُّهَا وَبهَا كَمْ دَان بلدانا)
(وعزمةٍ فِي مُهِمِّ الخَطْبِ صَادِقَةٍ ... تُصَيِّرُ الإِمْتِنَاعَ الصرْفَ إِمْكانَا)
(تأمينُ حجاجِ بيتِ الله قمْتَ لَهُ ... بالنفْسِ والمالِ والأبناءِ إذعانا)
(فَحُطْتَهُمْ مثلَ حوطِ الابنِ كافلُه ... وكَمْ بذلكَ قد أذهَبْتَ ذهْبَانا)
(فِي طاعةِ الله والسلطانِ لَا برحَتْ ... لَهُ ملائكَةُ الرحْمَنِ أعوانا)
(مولَى ملوكِ الورَى الغازِى مُحَمَّد خَان ... زادَهُ الله نصرا أَيْنَمَا كَانَا)
(وشُرِّفَتْ بك أرضُ الحِجْرِ إِذْ سقيَتْ ... غيثاً بمقدمِكَ الميمونِ هَتَّانا)
(حَتَّى لقَد ظَنَّ فِي الأجداثِ هالكُهُمْ ... لأَنْ ينالَ من الرحمنِ غفرانا)
(أنتَ الَّذِي بكَ تاهَتْ مكَّةٌ وزهَتْ ... بحسنِ أَيَّامه عدلا وإحسانا)
(أنتَ الَّذِي بكَ ضمَّ الشمل ناثره ... مِنْ بعدِ تفريقِهِ مثنَى ووُحْدَانا)
(أيُّ الملوكِ بلادُ الله بلدتُهُ ... تمسي رعيَّته لله جِيرَانا)