النبيي صلى الله عليه وسلم: " الأعمال بالنيات " فأما المحرمات فإنها معاصي وإذا نوي بها نية حسنة كان جاهلاً فاسقاً. لى الله عليه وسلم: " الأعمال بالنيات " فأما المحرمات فإنها معاصي وإذا نوي بها نية حسنة كان جاهلاً فاسقاً.

فصل

في مزاعم باطلة

وقد زاد قوم فزعموا أن اجتماعهم بالنساء والشباب، وتعاطي هذه الأمور مما يحصل به البركة، وأن قرب المرأة والشباب من الرجل الصالح سبب لحياة القلب، فإن النور يسري من القلب إلى القلب، وأشباه هذه الزخارف الباطلة! فهؤلاء فرقة تشبهوا بالشياطين فإن الشيطان يسول للمحال بأمور محرمة ويزينها بصور باطلة فهذه حيلة فسق، وحيلة مكر، وخديعة كذب، فليت هؤلاء حيث وقعوا في هذه القبائح لم يضيفوا إليها ما هو أقبح منها؛ فإن العرف المعترف بمعصيته أخف إثما، وأقل جُرما، ويجب على من له امرأة أن يردع هؤلاء بالتعزير الشافي، والزجر الكافي، وإذا لم يقدر على ذلك. فَلْيَنْهَهُم نهياً كافياً، فإن لم يقبلوا وجب الإنكار عليهم بالقلب كما قال تعالى: (ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويُلْهِهم الأمل فسوف يعلمون) انتهى.

فصل

في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

قال الله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) .

فأمر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية نصاً بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأثنى في أية أخرى على الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر فقال تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) وقال في الآية التي وصف بها المؤمنين: (الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر) وفي الحديث: " لتأمرن بالمعروف، ولتنهن عن المنكر، وليأخذن على الظالم، وليطرأ به على الحق إطراء، وليقصر به على الحق قصراً، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم بعضا على بعض ثم ليلعنكم كما لعنهم " رواه أبو داود. وفي الحديث أيضاً: " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ". وعن حذيفة بن اليمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ليوشكن أن يبعث عليكم عقابا ثم تدعونه فلا يستجيب لكم ". فثبت الكتاب والسنة وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأحاديث في ذلك كثيرة. وقال العلماء: إن الله تعالى جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرقا بين المؤمنين والمنافقين لأن الله تعالى قال: (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المنكر) وقال تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) .

فثبت بذلك أن أخص أقوال المؤمنين وأقواها دلالة على صحة عقدهم، وسلامة سرائرهم هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم إن ذلك ليس مما يليق بكل واحد، ولا يجب على كل أحد، وإنما هو من الفروض التي ينبغي أن يقوم بها السلطان للمسلمين إذا كانت إقامة الحدود إليه، والتعزير موكول إلى رأيه، فينصب في كل بلد وفي كل قرية رجلا صالحاً قوياً إيماناً، عالماً وأن يأمره بمراعاة الأحوال التي تجري فلا يرى ولا يسمع منكراً إلا غيره، ولا يبقي معروفاً محتاجاً إلى الأمر به إلا أمر به، وكلما وجب على فاسق حدٌّ أقامه، ولم يعطله فإنه لا شيء أزرى على المفسدين من إقامة حد الله عليهم، ولا يتعدى المشروع بالذي شرعه أعلم بطريق سياستهم وكل من كان من علماء المسلمين الذين يجمعون بين فضل العلم، وصلاح المسلمين الذين يجمعون بين فضل العلم وصلاح العمل، فعليه أن يدعو إلى المعروف ويزجر عن المنكر، فإن كان يطيق إبطال المنكر ودفعه وردع المتقاضي له عند فعله فإن كان لا يطيق بنفسه، ويطيقه فإن ذلك إلى السلطان دون غيره، وإن كان لا يطيق إلا القول فعليه الأمر باللسان وإن لم يستطع إلا الإنكار بالقلب أنكره، والأمر بالمعروف في هذا مثل النهي عن المنكر إن اتسع للعالم المصلح أن يدعو إليه ويأمر به فعل، وإن لم يقدر إلا على القول.

من يتصدى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015