" تنبيه " وقد عمت البلوى في زماننا هذا بما هو أشد من ذلك وهو أن المرأة تضع على رأسها شيئاً يقال له " الطاقية " و " القبعة " فيصير كالطبق أو كالصومعة وعلى رأس بعضهن شيء يشبه القرب الصغير وربما يلف على هذه الطواقي بمناديل حتى تصير كالعمامة فتدخل في التشبه بالرجال فيجرى عليها وعيد الحديث أيضاً ويحصل من ذلك قصر الإزار وتشميره عن العادة لعلو هذه المصيبة التي وضعتها فوق رأسها حتى أن ثيابها والخف واللباس ينكشف من تحت الإزار. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: " كاسيات عاريات ": وقد اختلف في قوله: كاسيات عاريات: فقيل: كاسيات من نعم الله، عاريات من شكره. وقيل: يلبسن ثياباً رقاقاً تصف البشرة منهن. وقال صلى الله عليه وسلم: " ألا هلك الرجال حين أطاعوا النساء ". وقال سعيد بن المسيب - رحمه الله - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " أربع يمشون والله عليهم ساخط: المتشبهون من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال، ومن غشي بهيمة، ومن عمل عمل قوم لوط ". ويذكر عن ابن عباس رضي الله عنه قال: " لعن رسول الله البيت الذي يدخله المخنثون ". وعنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم " لعن المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء ". وقال: " أخرجوهم من بيوتكم فأخرجوهم فلاناً وفلاناً ". وقد نص أحمد وإسحاق رحمهما الله تعالى على نفي المخنث.

" تنبيه " في النهي عن معاشرة الأحداث والنظر إليهم قال أبو زكريا النووي في فتاويه: " مسألة " هل يحل النظر إلى الأمرد أم لا؟ ولو كان رجل يهوي المرد، وينفق عليهم من ماله، ويهون عيه إعطاؤه للواحد منهم جملة كثيرة، ويشق عليه إعطاؤه درهماً لفقير ذي عيال محتاج هل يحرم عليه اجتماعه هو وهم وإنفاقه على هذا الوجه؟ وهل إذا جمع بينهم يكون آثماً أم لا؟ وهل به تسقط عدالة من جمعهم وداوم على ذلك أم لا؟ وهل قال بإجازة ذلك أحد من العلماء أم لا؟ فالجواب: مجرد النظر إلى الأمرد الحسن حرام سواء كان بشهوة أو غيرها إلا إذا كان له حاجة شرعية كحاجة الشراء والتطيب والتعليم وغيرهم فيباح حينئذ قدر الحاجة وتحرم الزيادة قال الله تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم) . وقد نص رحمة الله تعالى عليه وغيره من العلماء رحمهم الله على تحريم النظر إليه من غير حاجة شرعية واحتجوا بالآية الكريمة، وأنه في معنى المرأة بل بعضهم أحسن من كثير من النساء ولأنه يمكن في حق المرأة ويتسهل من طريق الزينة والشر في حقه مالا يتسهل في حق المرأة فهو بالتحريم وأقاويل السلف في التنفير منهم والتحذير من رؤيتهم أكثر من أن تحصر، وسموهم " الأنتان "؛ لأنهم مستقذرون شرعاً. وسواء كان ما ذكرناه نظر المنسوب إلى صلاح أو غيره. وأما الخلوة بالأمرد فأشد تحريما من النظر إليه لأنها أفحش وأقرب إلى الشر وسواء خلا به منسوب إلى صلاح أو غيره. وأما جمع المرد على الوجه المذكور فحرام على الجامع والحاضر وإنفاق المال في ذلك حرام شديد التحريم. ومن جمعهم وأصر فسق وردت شهادته وسقطت ولايته ويجب على ولي الأمرد - وفقه الله تعالى - أن يمنعهم من ذلك ويجب على كل مكلف علم حال هؤلاء أن ينكر عليهم بحسب قدرته ومن عجز عن الإنكار عليهم وأمكنه رفع حالهم إلى ولي الأمر لزمه ذلك ولم يقل أحد من العلماء رحمهم الله تعالى بإباحة ذلك على هذا الوجه.

فصل

في الرجاء والخوف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015